الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ} (18)

{ قَالَ هِيَ عَصَايَ } وكانت لها شعبتان وفي أسفلها سنان واسمها نبعة في قول مقاتل { أَتَوَكَّأُ } أعتمد { عَلَيْهَا } إذا مشيت وإذا أعييت وعند الوثبة والطفرة . { وَأَهُشُّ } وأخبط { بِهَا } الشجر ليتناثر ورقها فتأكل غنمي ، وقرأ عكرمة «وأهسُّ » بالسين يعني وأزجر بها الغنم ، وذلك أن العرب تقول : هس هس ، وقال النضر بن شمّيل : سألت الخليل عن قراءة عكرمة فقال : العرب تعاقب بين الشين والسين في كثير من الكلام ، كقولهم : شمّت العاطس وسمّته ، وشن عليه الدرع وسن ، والروشم والروسم للختم .

{ وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ } حوائج ومنافع ، واحدتها مأرَبة ومَأرُبة بفتح الراء وضمّها { أُخْرَى } ولم يقل أُخَر لرؤوس الآي .

قال ابن عباس : كان موسى عليه السلام يحمل عليها زاده وسقاءه ، فجعلت تماشيه وتحدّثه ، وكان يضرب بها الأرض فيخرج ما يأكل يومه ، ويركزها فيخرج الماء فإذا رفعها ذهب الماء ، وكان يردّ بها غنمه ، وتقيه الهوام بإذن الله ، وإذا ظهر له عدّو حاربت وناضلت عنه ، وإذا أراد إلاسقاء من البئر أدلاها فطالت على طول البئر وصارت شعبتاها كالدلو حتى يستقي ، وكان يظهر على شعبتيها كالشمعتين بالليل تضيء له ويهتدي بها ، وإذا اشتهى ثمرة من الثمار ركزها في الأرض فتغصّنت غصن تلك الشجرة وأورقت ورقها وأثمرت ثمرها ، فهذه المآرب .