أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (45)

{ إذ قالت الملائكة } بدل من { إذ قالت } الأولى وما بينهما اعتراض ، أو من { إذ يختصمون } على أن وقوع الاختصام والبشارة في زمان متسع كقولك لقيته في سنة كذا . { يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم } المسيح لقبه وهو من الألقاب المشرفة كالصديق وأصله بالعبرية مشيحا معناه : المبارك ، وعيسى معرب ايشوع واشتقاقهما من المسح لأنهما مسح بالبركة أو بما طهره من الذنوب ، أو مسح الأرض ولم يقم في موضع ، أو مسحه جبريل ، ومن العيس وهو بياض يعلوه حمرة ، تكلف لا طائل تحته وابن مريم لما كان صفة تميز تمييز الأسماء نظمت في سلكها ، ولا ينافي تعدد الخبر وإفراد المبتدأ فإنه اسم جنس مضاف ويحتمل أن يراد به أن الذي يعرف به ويتميز عن غيره هذه الثلاثة ، فإن الاسم علامة المسمى والمميز له ممن سواه ويجوز أن يكون عيسى خبر مبتدأ محذوف وابن مريم صفته ، وإنما قيل ابن مريم والخطاب لها تنبيها على أنه يولد من غير أب إذ الأولاد تنسب إلى الآباء ولا تنسب إلى الأم إلا إذا فقد الأب . { وجيها في الدنيا والآخرة } حال مقدرة من كلمة وهي وإن كانت نكرة لكنها موصوفة وتذكيره للمعنى ، والوجاهة في الدنيا النبوة وفي الآخرة الشفاعة { ومن المقربين } من الله ، وقيل إشارة إلى علو درجته في الجنة أو رفعه إلى السماء وصحبة الملائكة .