جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (45)

{ إذ قالت الملائكة } أي : جبريل بدل من إذ يختصمون على أن الاختصام{[692]} ، والبشارة في زمان متسع أو من إذ قالت ، { يا مريم إن الله يبشّرك بكلمة منه{[693]} } : من الله أي : عيسى ، { اسمه{[694]} } ذكر ضمير الكلمة ؛ لأن المسمى مذكر ، { المسيح{[695]} } معرّب مسيحا بالعبرية أي : المبارك قال بعض السلف لكثرة سياحته سمى به ،

أو لأنه ما مسح ذا عاهة إلا برئ ، { عيسى ابن مريم } نسبه إلى أمه حيث لا أب له ، { وجيها } : له وجاهة ومكانة { في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين } نصب وجيها ومن المقربين على الحال من كلمة ؛ لأنها نكرة موصوفة .


[692]:فإن وقعت الاختصام ظاهر أنه قبل البشارة بمدة فاحتيج في جواز الإبدال إلى أن يعتبر زمان ممتد يقع الاختصام في بعض أجزائه والبشارة في بعض آخر ليصح بالنظر إلى ذلك الزمان أنهما في زمان واحد كما يقال: وقع القتال والصلح في سنة واحدة/12 منه.
[693]:وفي تفسير أبي السعود في سورة النساء يحكى أن طبيبا حاذقا نصرانيا جاء الرشيد فناظر على ابن الحسين الواقدي ذات يوم فقال له: (إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى جزء من الله)، وتلا هذه الآية في قوله: {وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} فقرأ له الواقدي: {وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} وقال: (إذن يلزم أن يكون جميع تلك الأشياء جزء منه سبحانه؛ فانقطع النصراني وأسلم، وفرح الرشيد فرحا شديدا وأعطى الواقدي صلة فاخرة/12 فتح.
[694]:الاسم أحد الثلاثة، وهو عيسى، والمسيح لقبه، وابن مريم صفته والمراد من الاسم هذه العلامة التي بها الامتياز، وهي مجموع الثلاثة لا واحد أو كل واحد علامة مميزة، وليس المراد بالاسم هو العلم المقابل للقب، والكنية فافهم/12.
[695]:أي بولد يكون وجوده بكلمة من الله لا على طريق الأبناء الآخر من مادة، وأب، ومدة/12.