نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (45)

واستمر في إكمال المقال{[17045]} على ذلك الأسلوب الحكيم حتى تمت الحجة واستقامت المحجة فقال تعالى مبدلاً من إذ{[17046]} الأولى إيذاناً{[17047]} بأن ما بينهما اعتراض لما نبه عليه من شريف الأغراض{[17048]} : { إذ قالت الملائكة يا مريم } ولما كانت هذه السورة{[17049]} سورة التوحيد المقتضي للتفرد{[17050]} بالعظمة عبر بما صدرت به من اسم الذات الجامع لجميع الصفات فقال : { إن الله } أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له ، فلا راد لأمره { يبشرك } وكرر هذا الاسم الشريف في هذا المقام زيادة في إيضاح هذا المرام بخلاف ما يأتي في سورة مريم عليها السلام ، وقوله : { بكلمة } أي مبتدئة { منه } من غير واسطة أب هو{[17051]} من تسمية المسبب باسم السبب ، والتعبير بها أوفق لمقصود السورة وأنفى{[17052]} لما يدعيه المجادلون في{[17053]} أمره ، ثم بين أنه ليس المراد بالكلمة{[17054]} حقيقتها ، بل ما يكون عنها ويكون فعالاًَ بها{[17055]} فقال مذكراً للضمير : { اسمه } أي{[17056]} الذي يتميز به عمن سواه مجموع{[17057]} ثلاثة أشياء : { المسيح } أصل{[17058]} هذا الوصف أنه كان في شريعتهم : من مسحه الإمام بدهن القدس كان طاهراً{[17059]} متأهلاً للملك والعلم والمزايا{[17060]} الفاضلة مباركاً ، فدل سبحانه وتعالى على أن عيسى عليه الصلاة والسلام ملازم للبركة الناشئة عن المسح وإن لم يُمسَح ؛ وأما وصف الدجال{[17061]} بذلك فإما أن يكون لما كان هلاكه على يد{[17062]} عيسى عليه الصلاة والسلام وصف بوصفه - من باب التسمية بالضد ، وإما أن يكون إشارة إلى أنه ملازم للنجاسة فهو بحيث لا ينفك - ولو مسح - عن{[17063]} الاحتياج إلى التطهير{[17064]} بالمسح من الدهن الذي يمسح به المذنبون ومن كان به برص ونحوه فيبرأ - والله سبحانه وتعالى أعلم .

ولما وصفه بهذا الوصف الشريف ذكر اسمه فقال { عيسى } وبين أنه{[17065]} يكون منها وحدها{[17066]} من غير ذكر بقوله موضع ابنك : { ابن مريم } وذلك أنفى لما ضل به من ضل{[17067]} في أمره{[17068]} ، وأوضح في تقرير مقصود السورة وفي تفخيم هذا الذكر بجعله نفس الكلمة وبإبهامه{[17069]} أولاً ثم تفسيره ، وقوله : { اسمه{[17070]} } تعظيم لقدره{[17071]} وبيان لفضله على يحيى عليهما{[17072]} السلام حيث لم يجعل له في البشارة به مثل هذا الذكر ، ثم أتم لها البشارة بأوصاف جعلها أحوالاً دالة{[17073]} على أنه يظهر اتصافه بها حال{[17074]} الولادة تحقيقاً لظهور أثر الكلمة عليه فقال : { وجيهاً } قال الحرالي : صيغة مبالغة مما منه الوجاهة ، وأصل معناه الوجه وهو الملاحظ المحترم{[17075]} بعلو ظاهر فيه - انتهى . { في الدنيا } ولما كان ذلك قد لا يلازم الوجاهة بعد الموت قال : { والآخرة } ولما كانت الوجاهة ثمَّ مختلفة ذكر أعلاها عاطفاً{[17076]} بالواو إشارة إلى تمكنه في الصفات فقال : { ومن المقربين * } أي عند الله .


[17045]:في ظ: المقام، وزيد بعده وفي الأصل: في مناسبة، ولم تكن الزيادة في مد فحذفناها.
[17046]:قط من ظ.
[17047]:ن ظ ومد، وفي الأصل: إلا يذا.
[17048]:ن مد، وفي الأصل: الأعراض، وفي ظ: الاعواض.
[17049]:سقط من ظ.
[17050]:ي ظ: للتغيير.
[17051]:ن مد، وفي الأصل وظ: وهو.
[17052]:ن ظ ومد، وفي الأصل: أيقى ـ كذا.
[17053]:من مد، وفي الأصل وظ: من.
[17054]:ي ظ: بكلمة.
[17055]:ي ظ: لها.
[17056]:سقط من ظ.
[17057]:سقط من ظ.
[17058]:من ظ ومد، وفي الأصل: أهل.
[17059]:من مد، وفي الأصل وظ: ظاهرا.
[17060]:من مد، وفي الأصل: الرايا، وفي ظ: الولايات.
[17061]:ي الأصول: الرجال.
[17062]:ي ظ: يدي.
[17063]:ي ظ: على.
[17064]:يدت الواو بعده في ظ.
[17065]:ن ظ ومد، وفي الأصل: أن.
[17066]:ي ظ ومد: وجدها.
[17067]:ي ظ: ابنه.
[17068]:قط من
[17069]:ن مد، وفي الأصل: باتهامه، وفي ظ: بايهامه.
[17070]:ن مد، وفي الأصل: اسم، وقد سقط من ظ.
[17071]:ي الأصول: لقدرة ـ كذا.
[17072]:ن ظ ومد، وفي الأصل: عليه.
[17073]:ن ظ ومد، وفي الأصل: دلالة.
[17074]:ي ظ: حالة.
[17075]:ي ظ: المحتوم، وفي مد: المحترم.
[17076]:قط من ظ.