فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (45)

قوله : { إِذْ قَالَتِ } بدل من قوله : «وإذ قالت » المذكور قبله ، وما بينهما اعتراض ، وقيل : بدل من «إذ يختصمون » وقيل : منصوب بفعل مقدر . وقيل : بقوله : { يَخْتَصِمُونَ } وقيل : بقوله : { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ } .

والمسيح اختلف فيه مماذا أخذ ؟ فقيل : من المسح ؛ لأنه مسح الأرض ، أي : ذهب فيها ، فلم يستكن بكن ، وقيل : إنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ ، فسمي مسيحاً ، فهو على هذين فعيل بمعنى فاعل ، وقيل : لأنه كان يمسح بالدهن الذي كانت الأنبياء تمسح به ، وقيل : لأنه كان ممسوح الأخمصين ، وقيل : لأن الجمال مسحه ، وقيل : لأنه مسح بالتطهير من الذنوب ، وهو على هذه الأربعة الأقوال : فعيل بمعنى مفعول . وقال أبو الهيتم : المسيح ضد المسيخ بالخاء المعجمة . وقال ابن الأعرابي : المسيح الصديق . وقال أبو عبيد : أصله بالعبرانية مشيخاً بالمعجمتين فعرّب ، كما عرّب موشى بموسى . وأما الدجال ، فسمي مسيحاً ؛ لأنه ممسوح إحدى العينين ، وقيل : لأنه يمسح الأرض أي : يطوف بلدانها إلا مكة ، والمدينة وبيت المقدس .

وقوله : { عِيسَى } عطف بيان ، أو بدل ، وهو اسم أعجمي ، وقيل : هو عربي مشتق من عاسه يعوسه إذا ساسه . قال في الكشاف : هو معرّب من أيشوع . انتهى . والذي رأيناه في الإنجيل في مواضع أن اسمه يشوع بدون همزة ، وإنما قيل : ابن مريم مع كون الخطاب معها تنبيهاً على أنه يولد من غير أب ، فنسب إلى أمه . والوجيه ذو الوجاهة : وهي : القوّة والمنعة ، ووجاهته في الدنيا النبوّة ، وفي الآخرة الشفاعة ، وعلوّ الدرجة ، وهو : منتصب على الحال من كلمة ، وإن كانت نكرة ، فهي موصوفة ، وكذلك قوله : { وَمِنَ المقربين } في محل نصب على الحال . قال الأخفش : هو : معطوف على { وجيها } .

/خ51