مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ} (45)

{ إِذْ قَالَتِ الملائكة } أي اذكر { يامريم إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ } أي بعيسى { مِّنْهُ } في موضع جر صفة لكلمة { اسمه } مبتدأ وذكر ضمير الكلمة لأن المسمى بها مذكر { المسيح } خبره والجملة في موضع جر صفة ل «كلمة » .

والمسيح لقب من الألقاب المشرفة كالصديق والفاروق وأصله «مشيحاً » بالعبرانية ومعناه المبارك كقوله : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَمَا كُنتُ } [ مريم : 31 ] . وقيل : سمي مسيحاً لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برأ ، أو لأنه كان يمسح الأرض بالسياحة لا يستوطن مكاناً { عِيسَى } بدل من المسيح { ابن مَرْيَمَ } خبر مبتدأ محذوف أي هو ابن مريم ، ولا يجوز أن يكون صفة لعيسى لأن اسمه عيسى فحسب وليس اسمه عيسى ابن مريم . وإنما قال «ابن مريم » إعلاماً لها أنه يولد من غير أب فلا ينسب إلا إلى أمه «وَجِيهاً » ذا جاه وقدر «في الدُّنيا » بالنبوة والطاعة { والآخرة } بعلو الدرجة والشفاعة { وَمِنَ المقربين } برفعه إلى السماء ، وقوله «وجيهاً » حال من «كلمة » لكونها موصوفة وكذا «ومن المقربين » أي وثابتاً من المقربين .