التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ} (69)

قوله تعالى { ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبُشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد فلما ذهب عن إبراهيم الرّوع وجاءته البشرى يُجادلنا في قوم لوط إنّ إبراهيم لحليم أوّاه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب وجاءه قومه يُهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجلا رشيد قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك وإنك لتعلم ما نريد }

وفي هذه الآيات قصة إبراهيم وامرأته والملائكة المرسلة إلى لوط وقومه وقد تقدم طرف من قصة لوط وقومه في سورة الأعراف آية( 80-84 ) ، وسيأتي تفسيرها مفصلا في سورة الحجر من الآية ( 51-75 ) .

قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا المراد بهذه البشرى التي جاءت بها رسل الملائكة إبراهيم ولكنه أشار بعد هذا إلى أنها البشارة بإسحاق ويعقوب : { وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } لأن البشارة بالذرية الطيبة شاملة للأم والأب ، كما يدل لذلك قوله : { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } وقوله : { قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم } وقوله { قالوا لا توجل إنا نبشركم بغلام عليم } وقيل : البشرى هي إخبارهم له بأنهم أرسلوا لإهلاك قوم لوط ، وعليه فالآيات المبينة لها كقوله هنا في هذه السورة { قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط } الآية .

قال الشيخ الشنقيطي : ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة : أن إبراهيم لما سلّم على رسل الملائكة وكان يظنهم ضيوفا من الآدميين ، أسرع إليهم بالإتيان بالقرى وهو لحم عجل حنيذ ، -أي منضج بالنار- وأنهم لما لم يأكلوا أوجس منهم خيفة فقالوا لا تخف وأخبروه بخبرهم . وبين في الذاريات : أنه راغ إلى أهله -أي مال إليهم- فجاء بذلك العجل وبين أنه سمين ، وأنه قربه إليهم وعرض عليهم الأكل برفق فقال لهم { ألا تأكلون } وأنه أوجس منهم خيفة وذلك في قوله : { هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ، إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون ، فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ، فقربه إليهم قال ألا تأكلون ، فأوجس منهم خيفة } الآية .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { بعجل حنيذ } ، يقول : نضيج .