الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُنَآ إِبۡرَٰهِيمَ بِٱلۡبُشۡرَىٰ قَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجۡلٍ حَنِيذٖ} (69)

قوله : { ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى } – إلى قوله – { عجيب }[ 69-72 ] .

من نصب ( سلاما{[32737]} نصبه على المصدر ، أو على إعمال القول{[32738]} ، والرفع على إضمار مبتدأ . أي : هو سلام ، أو أمري سلام{[32739]} ، أو على إضمار خبر محذوف{[32740]} . والمعنى : قالوا : سلام عليكم ، قال : سلام عليكم{[32741]} . ومن قرأ ( سلم ){[32742]} فعلى معنى الأمر .

سلم{[32743]} أو نحو سلم : أي : نحن آمنون{[32744]} منكم ، إذا سلمتم علينا ، لأن الملائكة لما سلمت عليه{[32745]} أمن منهم ، وعلم أنهم مؤمنون . فقال لهم : سلام : أي : نحن سلم منكم إذن .

وقيل : المعنى : نحن سلم ، أي : غير باغين شرا ، وأنتم قوم منكرون : أي : لا نعرفكم . وقيل : سلم بمعنى سلام . كما يقال حرم ، وحرام بمعنى واحد{[32746]} . ويجوز رفع الأول ، ونصب الثاني ، ونصب{[32747]} أيهما شئت على هذا التقدير{[32748]} ، ومعنى { قوم منكرون } : أي : غير معروفين في بلدنا .

وقيل : المعنى : إنكم قوم منكرون ، إذا سلمتم ، لأن التسليم في بلدنا منكر{[32749]} ، لم نعهده إلا لمن هو على ديننا . والرسل الذين أتوهم{[32750]} : جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، عليهم السلام{[32751]} .

روي أن الله جر ذكره ، أرسل إسرافيل يبشر{[32752]} سارة زوج إبراهيم بإسحاق ، ويعقوب ولد إسحاق ، وأرسل الله{[32753]} جبريل ليقلب مدائن قوم لوط ، وأرسل ميكائيل ليأخذ بيد لوط ، وبناته ، ويسري بهم . والبشرى هي{[32754]} البشارة بإسحاق{[32755]} . وقيل : هي البشارة بهلاك قوم لوط{[32756]} .

{ قالوا سلاما }[ 69 ] قال مجاهد : المعنى سدادا{[32757]} .

{ فما لبث أن جاء }[ 69 ] : ( أن ) : في موضع نصب عند سيبويه ، يقال : لا يلبث{[32758]} عن أن يأتيك{[32759]} .

وأجاز الفراء أن تكون في موضع رفع . فلبث ، أي : فما{[32760]} أبطأ عنه مجيئه{[32761]} . والمعنى : فما{[32762]} أبطأ عنهم حتى جاء { بعجل حينئذ }[ 69 ] : أي : مشوي{[32763]} ، وهو فعيل ، بمعنى مفعول .

وقال ابن عباس : ( حنيذ ) : نضيج{[32764]} . وقيل : كان قد أشوي{[32765]} على حجارة محمية{[32766]} . فما : نافية في قوله ( فما لبث ) ، وفي ( لبث ) ضمير إبراهيم عليه السلام{[32767]} .

وقيل : لا ضمير في ( لبث ) ، والفاعل : أن جاء ، أي : فما{[32768]} أبطأ مجيئه عن أن جاء{[32769]} . وقيل : ( ما ) بمعنى ( الذي ) في موضع رفع على الابتداء ، والخبر{[32770]} : ( أن جاء ){[32771]} ، والتقدير : فإبطاؤه مجيئه بعجل بين{[32772]} قدر الإبطاء{[32773]} .


[32737]:وهي قراءة ابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم، انظر: السبعة 337، والمبسوط 241، والحجة 346، والتيسير 125، والمحرر 9/183، والنشر 2/290.
[32738]:انظر هذا الإعراب في: إعراب النحاس 2/291.
[32739]:ط: مطموس.
[32740]:انظر هذا الإعراب في: إعراب مكي 1/408، والجامع 9/43.
[32741]:انظر هذا المعنى في: إعراب النحاس 2/291.
[32742]:وهي قراءة حمزة، والكسائي، انظر: السبعة 337، والمبسوط 241، والحجة 346، والكشف 1/534، والتيسير 125، والمحرر 9/183، والنشر 2/290.
[32743]:ط: سلام.
[32744]:ق: آمنوا.
[32745]:ق: عليهم.
[32746]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/382، والحجة 346.
[32747]:ق: وتنصب.
[32748]:انظر هذا التوجيه في: المقتضب 4/11.
[32749]:ق: منكم.
[32750]:ق: أتوهم وهو.
[32751]:انظر هذا المعنى في: جامع البيان 15/381-382.
[32752]:ط: تشر.
[32753]:ساقط من ط.
[32754]:ساقط من ق.
[32755]:انظر هذا الخبر في: جامع البيان 15/382.
[32756]:انظر المصدر السابق.
[32757]:ق. سرادا. وانظر هذا القول في: إعراب النحاس 2/291.
[32758]:في النسختين معا: تلبث. ولعل الصواب ما أثبت.
[32759]:انظر هذا التوجيه في: إعراب النحاس 2/292.
[32760]:ق: مما.
[32761]:ط: مجلة. وانظر توجيه الفراء في: معانيه 2/21، وفي إعراب النحاس 3/292.
[32762]:ق: فلما.
[32763]:انظر هذا التفسير في: غريب القرآن 205، ومعاني الزجاج 3/91.
[32764]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/384.
[32765]:ط: شوي.
[32766]:وهو قول الضحاك في: جامع البيان 15/386.
[32767]:ط: صم، وانظر: المحرر 9/183.
[32768]:ق: فلما.
[32769]:ق: أنجاء.
[32770]:ق: فالخبر.
[32771]:انظر: المحرر 9/183-184.
[32772]:ق: لين.
[32773]:انظر: إعراب مكي 1/409.