التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولٗا} (34)

قوله تعالى { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا }

قال ابن كثير : يقول تعالى { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } أي لا تتصرفوا له إلا بالغبطة { لا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف } .

أخرج مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر : يا أبا ذر ، إني أراك ضعيفا ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي : لا تأمرن على اثنين ، ولا تولين مال يتيم " .

وقد تحرج الصحابة رضي الله عنهم عندما نزلت هذه الآية فعزلوا طعامهم وشرابهم من طعام وشراب اليتامى وذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى { ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم } سورة البقرة آية : 220 ، وتقدم تفسيرها هناك .

وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } قال : كانوا لا يخالطونهم في المال ولا مأكل ولا مركب ، حتى نزلت { وإن تخالطوهم فإخوانكم } .

ومن صفات المؤمنين الوفاء بالعهد حيث قال تعالى { والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون } سورة المؤمنون : 8 ، وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعهد وبعهده فقال { بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين } آل عمران : 76 ، { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم } سورة النحل : 91 ، وحثّ ورغّب في ذلك فقال { ومن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه أجرا عظيما } سورة الفتح : 10 ، وحذر من مغبّة نقض عهده فقال { والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار } الرعد : 25 ، ووبخ وعاب على المخالفين من بني إسرائيل فقال { أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون } سورة البقرة : 100 .