الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولٗا} (34)

ثم قال تعالى : { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } [ 34 ] .

أي : لا تأكلوا أموال اليتامى إسرافا وبدارا أن يكبروا ولكن/ أقربوها بالإصلاح والتثمير لها {[40934]} .

قال قتادة : لما نزلت هذه الآية ، اشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فكانوا لا يخالطوهم في طعام ولا أكل ولا غيره . فأنزل الله [ عز وجل {[40935]} ] { وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح } {[40936]}فكانت هذه رخصة لهم في المخالطة {[40937]} .

وقال مجاهد : معنى الآية : لا تقربوا مال اليتيم فتستقرضوا منه { إلا بالتي هي أحسن } [ 34 ] التجارة لهم فيها {[40938]} .

وقوله : { حتى يبلغ أشده } [ 34 ] .

قال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس : الأشد {[40939]} : الحلم {[40940]} . ومعناه في اللغة : حتى يبلغ وقت اشتداده في العقل وتدبير ماله وصلاح حاله في دينه . وأن يكون {[40941]} مع ذلك في غير ذي عاهة في عقل وأن يكون حازما في ماله {[40942]} . وكذلك الأشد في قصة يوسف {[40943]} [ عليه السلام ] هو الحلم ، فأما الأشد في [ قصة ] موسى {[40944]}[ عليه السلام ] فقيل : هو بضع وثلاثين سنة . و " استوى " {[40945]} بلغ أربعين سنة {[40946]} و[ قيل ] : الأشد هنا ثمان عشرة سنة {[40947]} .

والأشد ، عند سيبويه ، جمع واحد [ ه ] : شد ، كقد وأقد {[40948]} . وهو عند غيره اسم مفرد {[40949]} .

ثم قال [ تعالى {[40950]} ] : { وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا } [ 34 ] .

أي : مسؤولا عنه من نقضه {[40951]} . أي : أوفوا بما عاهدتم {[40952]} عليه الناس من صلح أو بيع أو شراء . إن الله سائل ناقض العهد عن نقضه إياه ، وقيل : مسؤولا : مطلوبا . ومن العهد الذي أمر الله [ عز وجل {[40953]} ] بوفائه الوقوف عند أمره ونهيه والعمل بطاعته ومنه جميع ما أمر الله [ عز وجل {[40954]} ] به في هذه الآية قبله ونهى عنه .


[40934]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/84.
[40935]:ساقط من ق.
[40936]:البقرة: 220.
[40937]:انظر: قوله في جامع البيان 15/77.
[40938]:انظر: قوله في أحكام الجصاص 3/201، وأحكام ابن العربي 3/1210.
[40939]:ق: "الابتداء".
[40940]:انظر: هذا القول في أحكام الجصاص 3/202.
[40941]:ق: "كن".
[40942]:انظر: هذا التفسير في جامع البيان 15/84، ومعاني الزجاج 3/228.
[40943]:أي: في قوله تعالى: {ولما بلغ أشده آياتيناه حكما وعلما} يوسف: 22.
[40944]:أي: قوله تعالى: {ولما بلغ أشده واستوى آيتيناه حكما وعلما} القصص: 14.
[40945]:انظر: المصدر السابق.
[40946]:انظر: غريب القرآن 254، وأحكام الجصاص 3/202، حكاه عن ابن عباس.
[40947]:وهو قول ابن عباس، انظر: معاني الفراء 2/123، ومعاني الزجاج 3/238، وأحكام ابن العربي 3/1081ن واللسان (شدد).
[40948]:ق: "كقر" و"أقر"، وانظر: قول سيبويه في أحكام ابن العربي 3/1081، واللسان (شدد).
[40949]:انظر: اللسان (شدد).
[40950]:ساقط من ط.
[40951]:انظر: مشكل القرآن 230.
[40952]:ط: بما عاقدتم.
[40953]:ساقط من ق.
[40954]:ساقط من ق.