قوله تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا } .
قال الشيخ الشنقيطي : نهى جل وعلا في هذه الآية الكريمة عن إتباع الإنسان ما ليس له به علم ، ويشمل ذلك قوله : رأيت ولم ير ، وسمعت ولم يسمع ، وعلمت ولم يعلم ، ويدخل فيه كل قول بلا علم ، وأن يعمل الإنسان بما لا يعلم ، وقد أشار جل وعلا إلى هذا المعنى في آيات أخر كقوله : { إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وإن تقولوا على الله ما لا تعلمون } وقوله : { إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } وقوله { يا أيها الذين آمنوا إن بعض الظن إثم } الآية ، قوله : { قل الله أذن لكم أم على الله تفترون } ، وقوله : { إن الظن لا يغني من الحق شيئا } وقوله : { وما لهم به من علم إلا إتباع الظن } ، وقال أيضا : وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا } ، فيه وجهان من التفسير :
الأول- إن معنى الآية : إن الإنسان يسأل يوم القيامة عن أفعال جوارحه فيقال له لم سمعت ما لا يحل لك سماعه ؟ ولم نظرت إلى ما لا يحل لك النظر إليه ؟ ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه ؟ ويدل لهذا المعنى آيات من كتاب الله تعالى ، كقوله : { و لتسألن عما كنتم تعملون } وقوله { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } ، ونحو ذلك من الآيات .
والوجه الثاني- أن الجوارح هي التي تسأل عن أفعال صاحبها ، فتشهد عليه جوارحه بما فعل ، قال القرطبي في تفسيره : وهذا المعنى أبلغ في الحجة فإنه يقع تكذيبه من جوارحه ، وتلك غاية الخزي كما قال : { اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } وقوله { شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون } قال مقيده عفا الله عنه : والقول الأول أظهر عندي وهو قول الجمهور أ . ه .
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { ولا تقف ما ليس لك به علم } يقول : لا تقل .
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد { ولا تقف } ولا ترمِ .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم } قال : لا تقل رأيت ولم تر ، وسمعت ولم تسمع ، وعلمت ولم تعلم .
قال ابن كثير : ومضمون ما ذكروه أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم ، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال ، كما قال تعالى { اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم } سورة الحجرات آية12 . وفي الحديث : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث " .
أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة ( صحيح البخاري-النكاح ، ب لا يخطب على خطبة أخيه رقم5143 ) ( وصحيح مسلم-البر ، ب تحريم الظن والتجسس رقم2563 ) .
وفي الحديث الآخر : " من أفرى الفري أن يُريَ عينه ما لم تر " .
أخرجه البخاري من حديث ابن عمر( الصحيح-التعبير ، ب من كذب في حلمه رقم7042 ) .
وفي الصحيح : " من تحلم حلما كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين ، وليس بعاقد " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.