التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِنۢ بَعۡدِ نُوحٖۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا} (17)

قوله تعالى { وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا }

قال الشيخ الشنقيطي : وما دلت عليه هذه الآية الكريمة أوضحته آيات أخر من عدة جهات :

الأولى : أن في الآية تهديدا لكفار مكة ، وتخويفا لهم من أن ينزل بهم . ما نزل بغيرهم من الأمم التي كذبت رسلها أي أهلكنا قرونا كثيرة من بعد نوح بسبب تكذيبهم الرسل ، فلا تكذبوا رسولنا لئلا نفعل بكم مثل ما فعلنا بهم ، والآيات التي أوضحت هذا المعنى كثيرة كقوله في قوم لوط { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون } ، وكقوله فيهم أيضا { إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم } .

الجهة الثانية : أن هذه القرون تعرضت لبيانها آيات أخر فبينت كيفية إهلاك قوم نوح ، وقوم هود ، وقوم صالح ، وقوم لوط ، وقوم شعيب ، وفرعون وقومه من قوم موسى ، وذلك مذكور في مواقع متعددة معلومة من كتاب الله تعالى ، وبين أن تلك القرون كثيرة في قوله : { وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا } .

الجهة الثالثة : أن قوله { وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا } فيه أعظم زجر عن ارتكاب ما لا يرضي الله تعالى ، والآيات موضحة لذلك كثيرة جدا كقوله : { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } وقوله : { ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ، إنه عليم بذات الصدور } وقوله : { واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه } الآية .