التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيۡهِ بِإِحۡسَٰنٖۗ ذَٰلِكَ تَخۡفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةٞۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (178)

قوله تعالى{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شئ فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم }

اخرج البخاري عن ابن عباس قال : كان في بني إسرائيل القصاص ، ولم تكن فيهم الدية ، فقال الله عز وجل لهذه الأمة : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن رغب له من أخيه شئ } فالعفو أن يقبل الدية في العمد{ فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان }بالمعروف ويؤدى بإحسان{ ذلك تخفيف من ربكم ورحمة }كتب على من كان قبلكم{ فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم }قتل بعد قبول الدية .

وأخرج البخاري( الصحيح-العلم ، بباب 39 رقم 111 )ومسلم( الصحيح-الحج ، باب فضل المدينة رقم 1370 ) عن علي رضي الله عنه مرفوعا : لا يقتل مسلم بكافر .

وقد نص الإمام إسماعيل القاضي الجهضمي في كتابه ( أحكام القرآن ) على الجمع بين هذه الآية وقوله تعالى{ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس }فقال : الجمع بين الآيتين أولى فتحمل النفس على المكافئة .

( انظر الفتح 12/198 ) .

قوله تعالى{ والأنثى بالأنثى }

وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { والأنثى بالأنثى }وذلك انهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن كانوا يقتلون الرجل بالرجل ، والمرأة بالمرأة ، فأنزل الله تعالى : { النفس بالنفس والعين بالعين }فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم في العمد سواء رجالهم ونساءهم ، في النفس وما دون النفس ، وجعل العبيد مستوين فيما بينهم في العمد ، في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساءهم .

أخرج البخاري عن أنس بن مالك قال : خرجت جارية عليها أوضاح بالمدينة ، قال : فرماها يهودي بحجر . قال : فجئ بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق . فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فلان قتلك " ؟ فرفعت رأسها ، فأعاد عليها قال : فلان قتلك ؟ فرفعت رأسها فقال لها في الثالثة : فلان قتلك ؟ فخفضت رأسها . فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتله بين الحجرين .

( الصحيح-ك الديات ، ب إذا قتل بحجر أو بعصا . . ح 6877 ) .

قوله تعالى{ فمن عفي له من أخيه شئ فإتباع بالمعروف }

وأخرج البخاري عن أنس أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية ، فطلبوا إليها العفو ، فأبوا فعرضوا الأرش ، فأبوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوا إلا القصاص ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص ، فقال أنس بن النضر : يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع ؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنس . كتاب الله القصاص " . فرضي القوم ، فعفوا ، فقال رسول الله : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " .

( الصحيح-تفسير سورة البقرة رقم 4500 ) .

وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة{ فإتباع بالمعروف }قال : يتبع الطالب بالمعروف ، ويؤدي إليه المطلوب بالإحسان .

أخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله تعالى{ فمن عفي له من أخيه شئ }قال : إذا قتل الرجل عمدا ، ثم أخذت منه الدية فقد عفي له عن القتل .

أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد{ فمن عفي من أخيه شئ }وهو العفو عن الدم وأخذ الدية . ثم قال{ فمن اعتدى }يقول : بعد أخذه الدية{ فله عذاب أليم } .

أخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله تعالى{ فمن اعتدى بعد ذلك }قال : هو القتل بعد أخذ الدية . يقول : من قتل بعد أن يأخذ الدية فعليه القتل ، لا تقبل منه الدية .