التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَـٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ إِذۡ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَإِذۡ أَنتُمۡ أَجِنَّةٞ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡۖ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ} (32)

قوله تعالى { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم }

قال البخاري : حدثني محمود بن غيلان ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنا أدرك ذلك لا محالة : فزنا العين النظر ، وزنا اللسان المنطق ، والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك ويكذّبه . وقال شبابة : حدثنا ورقاء ، عن ابن طاووس ، عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

( صحيح البخاري 11/ 511 ح 6612 ك القدر ، ب { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون . . } ، ( وصحيح مسلم 4/ 2046 ك القدر ، ب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره بنحوه ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، قوله : { الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم } يقول إلا ما قد سلف .

قوله تعالى { إن ربك واسع المغفرة }

قال ابن كثير : وقوله { إن ربك واسع المغفرة } أي : رحمته وسعت كل شيء ، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها ، كقوله : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } .

قوله تعالى { فلا تزكوا أنفسكم }

قال البخاري : حدثنا آدم : حدثنا شعبة ، عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن رجلا ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويحك ، قطعت عنق صاحبك يقوله مرارا إن كان أحدكم مادحا لا محالة فليقل : أحسب كذا وكذا ، إن كان يرى أنه كذلك ، والله حسيبه ، ولا يزكي على الله أحدا . قال وُهيب عن خالد ويلك " .

( صحيح البخاري 10/491 ك الأدب ، ب ما يكره من التمادح ح 6061 ) ، ( وصحيح مسلم 4/ 2296 ك الزهد والرقائق ، ب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط . . . نحوه ) .

قال مسلم : حدثنا عمرو الناقد : حدثنا هاشم بن القاسم : حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء . قال : سميت ابنتي برّة . فقالت لي زينب بنت أبي سلمة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم . وسميت برّه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزكوا أنفسكم ، الله أعلم بأهل البر منكم " . فقالوا : بم نسمّيها ؟ قال : " سموها زينب " .

( صحيح مسلم 3/ 1687 1688 ح 2142 ك الآداب ، ب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن وتغيير اسم بره إلى زينب وجويرية ونحوهما ) .

قال ابن كثير : وقوله { فلا تزكوا أنفسكم } أي : تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم { هو أعلم بمن اتقى } كما قال : { ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلموا فتيلا } .