تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ٱلَّذِينَ يَجۡتَنِبُونَ كَبَـٰٓئِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡفَوَٰحِشَ إِلَّا ٱللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَٰسِعُ ٱلۡمَغۡفِرَةِۚ هُوَ أَعۡلَمُ بِكُمۡ إِذۡ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَإِذۡ أَنتُمۡ أَجِنَّةٞ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡۖ فَلَا تُزَكُّوٓاْ أَنفُسَكُمۡۖ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰٓ} (32)

ثم نعت المتقين . فقال :{ الذين يجتنبون كبائر الإثم } يعني كل ذنب يختم بالنار { والفواحش } يعني كل ذنب فيه حد { إلا اللمم } يعني ما بين الحدين .

نزلت في نبهان التمار ، وذلك أنه كان له حانوت يبيع فيه التمر ، فأتته امرأة تريد تمرا ، فقال لها : ادخلي الحانوت ، فإن فيه تمرا جيدا ، فلما دخلت راودها عن نفسها ، فأبت عليه ، فلما رأت الشر خرجت فوثب إليها ، فضرب عجزها بيده ، فقال : والله ، ما نلت مني حاجتك ، ولا حفظت غيبة أخيك المسلم .

فذهبت المرأة وندم الرجل ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بصنيعه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :" ويحك يا نبهان ، فلعل زوجها غاز في سبيل الله" ، فقال : الله ورسوله أعلم ، فقال :" أما علمت أن الله يغار للغازي ما لا يغار للمقيم " ، فلقي أبا بكر ، رضي الله عنه ، فأعلمه ، فقال : ويحك فلعل زوجها غاز في سبيل الله ، فقال : الله أعلم ، ثم رجع فلقي عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فأخبره ، فقال : ويحك لعل زوجها غاز في سبيل الله ، قال : الله أعلم ، فصرعه عمر فوطئه ، ثم انطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إخواننا غزاة في سبيل الله تكسر الرماح في صدورهم يخلف هذا ونحوه أهليهم بسوء ، فاضرب عنقه ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :" أرسله يا عمر" فنزلت فيه :{ الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم } يعني ضربه عجزيتها بيده { إن ربك واسع المغفرة } لمن تاب .

ثم قال :{ هو أعلم بكم } من غيره { إذ أنشأكم من الأرض } يعني خلقكم من تراب { و } هو أعلم بكم { وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم } يعني جنين الذي يوكن في بطن أمه { فلا تزكوا أنفسكم } قال : وقال ناس من المسلمين : صلينا وفعلنا فزكوا أنفسهم ، فقال الله تعالى :{ فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } .