التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (128)

قوله تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم }

قال الشيخ الشنقيطي : هذه الآية الكريمة تدل على أن بعث هذا الرسول الذي هو من أنفسنا الذي هو متصف بهذه الصفات المشعرة بغاية الكمال ، وغاية شفقته علينا هو أعظم منن الله تعالى ، وأجزل نعمة علينا ، وقد بين ذلك في موضع آخر ؛ كقوله تعالى { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } الآية . وقوله : { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار } .

قال البخاري : حدثنا محمد بن عبيد الله أبو ثابت ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عبيد بن السباق ، عن زيد بن ثابت قال : بعث إلي أبو بكر لمقتل أهل اليمامة وعنده عمر ، فقال أبو بكر : إن عمر أتاني فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بقراء القرآن في المواطن كلها فيذهب قرآن كثير ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن . قلت : كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : هو والله خير . فلم يزل عمر يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد : قال أبو بكر : وإنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه . قال زيد : فو الله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل علي مما كلفني من جمع القرآن . قلت : كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال أبو بكر : هو والله خير . فلم يزل يحث مراجعتي حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر ، ورأيت في ذلك الذي رأيا ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال فوجدت آخر سورة التوبة { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } إلى آخرها مع خزيمة – أو أبي خزيمة – فألحقتها في سورتها . وكانت الصحف عند أبي بكر حياته حتى توفاه الله عز وجل ، ثم عند عمر حياته حتى توفاه الله ، ثم عند حفصة بنت عمر . قال محمد بن عبيد الله : اللخاف يعني الخزف

[ الصحيح 13/195 ح 7191 – ك الأحكام ، ب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا ] .

قال البخاري : حدثنا عبد السلام بن مطهر قال : حدثنا عمر بن علي ، عن معن بن محمد الغفاري ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا ، وقاربوا ، وأبشروا ، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) .

[ الصحيح 1/116 ح 39 – ك الإيمان ، ب الدين يسر . . . ] .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم } قال : جعله الله من أنفسهم ، فلا يحسدونه على ما أعطاه الله من النبوة والكرامة .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : { عزيز عليه ما عنتم } قال : ما ضللتم .

قوله تعالى : { حريص عليكم }

قال مسلم : وحدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن القرشي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما مثلى ومثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا ، فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه ، فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تقحمون فيه ) .

[ الصحيح 4/1789 ح 2284 – ك الفضائل ، ب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ] ، وأخرجه البخاري [ الصحيح ح 6483 – ك الرقاق ، ب الانتهاء عن المعاصي ] .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : { حريص عليكم } حريص على ضالهم أن يهديه الله .