بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (128)

قوله : { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ } ، قال مقاتل : يعني : أهل مكة قد جاءكم رسول من أنفسكم تعرفونه ولا تنكرونه ؛ ويقال : هذا الخطاب لجميع العرب { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ } يعني : محمداً صلى الله عليه وسلم { مّنْ أَنفُسِكُمْ } يعني : من جميع العرب ، لأنه لم يكن في العرب قبيلة إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها قرابة . وهذا من المجاز والاستعارة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان فيهم ولم يجىء من موضع آخر ، معناه ظهر فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ويقال : هذا الخطاب لجميع الناس { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ } يعني : آدمياً مثلكم قرأ بعضهم { مّنْ أَنفُسِكُمْ } بنصب الفاء يعني : من أشرفكم وأعزكم ، وهي قراءة شاذة .

ثم قال تعالى : { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } ، يعني : شديد عليه ما أثمتم وعصيتم { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } ، قال الكلبي : يعني : على إيمانكم ؛ وقال مقاتل : { حريص عليكم } بالرشد والهدى ؛ وقال قتادة : حريص على من لم يسلم أن يسلم . ثم قال : { بالمؤمنين رَءوفٌ رَّحِيمٌ } ، أي رفيق بجميع المؤمنين ، رحيم بهم .