محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (128)

ثم بين تعالى ما امتن به على المؤمنين من بعثة خاتم النبيين بقوله :

[ 128 ] { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم 128 } .

{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم } أي رسول عظيم من جنسكم ، ومن نسبكم ، عربي قرشي مثلكم ، كما قال إبراهيم عليه السلام{[4700]} : { ربنا وابعث فيهم رسولا منهم } وقال تعالى{[4701]} : { لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } .

وكلم{[4702]} جعفر بن أبي طالب النجاشي ، والمغيرة بن شعبة رسول كسرى ، فقالا : " إن الله بعث فينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصفته ومدخله ومخرجه وصدقه وأمانته . . . " الحديث .

ثم ذكر تعالى ما يتبع المجانسة والمناسبة من النتائج بقوله : { عزيز عليه ما عنتّم } أي شديد عليه شاق ، لكونه بعضا منكم ، عنتكم ولقاؤكم المكروه ، فهو يخاف عليكم سوء العاقبة ، والوقوع في العذاب { حريص عليكم } أي على هدايتكم ، كي لا يخرج أحد منكم من اتباعه ، والاستسعاد بدين الحق الذي جاء به { بالمؤمنين رؤوف } إذ يدعوهم لما ينجيهم من العقاب بالتحذير عن الذنوب والمعاصي ، لفرط رأفته { رحيم } إذ يفيض عليهم العلوم والمعارف والكمالات المقربة بالتعليم والترغيب فيها ، برحمته{[4703]} .


[4700]:[2 / البقرة / 129].
[4701]:[3 / آل عمران / 164].
[4702]:انظر سيرة ابن هشام، الصفحة رقم 219 (طبعة جوتنجن) والصفحة رقم 359 من الجزء الرابع (طبعة الحلبي).
[4703]:المصدر السابق.