السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (128)

{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم } أي : من جنسكم عربيّ مثلكم وهو محمد صلى الله عليه وسلم تعرفون حسبه ونسبه ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ليس قبيلة من العرب إلا وقد ولدت النبيّ صلى الله عليه وسلم وله فيها نسب وقال جعفر بن محمد الصادق : لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية من زمن آدم عليه السلام ، وعن الطبرانيّ قال صلى الله عليه وسلم : ( إني خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح ) ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء ما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام ) وعن واثلة بن الأسقع قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ) وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بإدغام دال قد في الجيم والباقون بالإظهار { عزيز } أي : شديد شاق { عليه ما عنتم } أي : عنتكم وإيتاؤكم المكروه وقيل : يشق عليه ضلالتكم { حريص عليكم } أي : أن تهتدوا أو على إيصال الخير إليكم { بالمؤمنين } أي : منكم ومن غيركم { رؤوف } أي : شديد الرحمة بالمطيعين { رحيم } بالمذنبين وقدّم الأبلغ وهو الرؤوف محافظة على الفواصل ، وعن الحسن بن الفضل : لم يجمع الله تعالى لأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم فسماه رؤوفاً رحيماً ، وقال تعالى : { إنّ الله بالناس لرؤوف رحيم } وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص بمدّ الهمزة من رؤوف ، والباقون بالقصر .