الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا مِّنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيٗا وَنَصِيرٗا} (31)

ثم أقبل عليه مسلياً ومواسياً وواعداً النصرة عليهم ، فقال : { وكذلك } كان كل نبيّ قبلك مبتلى بعداوة قومه . وكفاك بي هادياً إلى طريق قهرهم والانتصار منهم . وناصراً لك عليهم مهجوراً : تركوه وصدّوا عنه وعن الإيمان به . وعن النبي صلى الله عليه وسلم : « من تعلم القرآن وعلمه وعلق مصحفاً لم يتعاهده ولم ينظر فيه ، جاء يوم القيامة متعلقاً به يقول : يا رب العالمين ، عبدك هذا اتخذني مهجوراً ، اقض بيني وبينه » ، وقيل : هو من هجر ، إذا هذى ، أي : جعلوه مهجوراً فيه . فحذف الجار وهو على وجهين ، أحدهما : زعمهم أنه هذيان وباطل وأساطير الأوّلين . والثاني : أنهم كانوا إذا سمعوه هجروا فيه ، كقوله تعالى : { لا تَسْمَعُواْ لهذا القرءان والغوا فِيهِ } [ فصلت : 26 ] ويجوز أن يكون المهجور بمعنى الهجر ، كالمجلود والمعقول . والمعنى : اتخذوه هُجراً والعدوّ : يجوز أن يكون واحداً وجمعاً . كقوله : { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي } [ الشعراء : 77 ] وقيل المعنى : وقال الرسول يوم القيامة .