نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ} (25)

ولما أخبر سبحانه وتعالى بأقفال قلوبهم ، بين منشأ ذلك ، فقال مؤكداً تنبهاً لمن لا يهتم به-{[59764]} على أنه مما ينبغي الاهتمام بالنظر فيه ليخلص الإنسان نفسه منه ، وتكذيباً لمن يقال : إن ذلك حسن : { إن الذين ارتدوا } أي عالجوا نفوسهم في منازعة{[59765]} الفطرة الأولى في الرجوع عن الإسلام ، وهو المراد بقوله : { على أدبارهم } أي من أهل الكتاب وغيرهم ، فقلبوا وجوه الأمور إلى ظهورها ، فوقعوا في الضلال فكفروا .

ولما كان الذي يلامون عليه ترك ما أتاهم به النبي صلى الله عليه وسلم مما أوحاه الله سبحانه إليه من الشريعة ، لا ما في غرائزهم من الملة التي يكفي في الهداية إليها نور العقل ، وكان الذم لاحقاً بهم ولو كان ارتدادهم في أدنى وقت ، أثبت الجار فقال : { من بعد ما تبين } غاية البيان {[59766]}الذي لا خفاء معه بوجه وظهر غاية الظهور{[59767]} { لهم } بالدلائل التي هي من شدة ظهورها غنية عن {[59768]}بيان مبين{[59769]} { الهدى } أي الذي أتاهم به رسولنا صلى الله عليه وسلم .

ولما كانوا قد أحرقوا بذلك أنفسهم وأبعدوها به غاية البعد عن كل خير ، عبر عن المغوي بما يدل على ذلك فقال تعالى{[59770]} : { الشيطان } أي المحترق باللعنة البعيد من الرحمة { سول } أي{[59771]} حسن { لهم } بتزيينه وإغوائه الذي حصل لهم منه استرخاء في عزائمهم وفتور{[59772]} في هممهم فجروا معه في مراده في طول الأمل ، والإكثار من مواقعه الزلل والأماني من جميع الشهوات والعلل ، بعد أن زين لهم سوء العمل{[59773]} ، بتمكين الله له منهم ، {[59774]}وهذا لما علم سبحانه منهم حال الفطرة الأولى{[59775]} { وأملى لهم * } أي أطال في ذلك ووسع بتكرار ذلك عليهم على تعاقب الملوين ومر الجديدين حتى{[59776]} نسوا المواعظ وأعرضوا عن الذكر هذا على قراءة الجماعة بفتح الهمزة واللام ، وأما على قراءة البصريين{[59777]} بضم الهمزة وكسر اللام فالمراد أن الله تعالى هو المملي - أي الممهل - لهم بإطالة العمر وإسباغ النعم ، وتسهيل الأماني والحلم ، عن المعاجلة بالنقم ، حتى اغتروا ، وهي أيضاً{[59778]} موافقة لقوله تعالى

{ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم {[59779]}إن كيدي متين{[59780]} }[ القلم : 45 ] ، وأما في قراءة أبي عمرو بفتح الياء فهو{[59781]} فعل ماض مبني للمفعول ، ودل على أن المملي هو الله سبحانه وتعالى قراءة يعقوب بإسكان الياء على أنه مضارع همزته للمتكلم .


[59764]:زيد من م ومد.
[59765]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: منازعتهم.
[59766]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59767]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59768]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: البيان المبين.
[59769]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: البيان المبين.
[59770]:زيد في الأصل: مبينا أن دليلهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59771]:زيد في الأصل: زين و، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59772]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فتورهم.
[59773]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: عملهم.
[59774]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59775]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59776]:زيد في الأصل: أنهم، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59777]:راجع نثر المرجان 6/201.
[59778]:سقط من ظ و م ومد.
[59779]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59780]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59781]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: فهي.