النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ مَلَكٗا لَّجَعَلۡنَٰهُ رَجُلٗا وَلَلَبَسۡنَا عَلَيۡهِم مَّا يَلۡبِسُونَ} (9)

{ وَلَوْ جَعَلنَاهُ مَلَكاً لجَعَلنَاهُ رَجُلاً } يعني ولو جعلنا معه ملكاً يدل على صدقه لجعلناه في صورة رجل .

وفي وجوب جعله رجلاً وجهان :

أحدهما : لأن الملائكة أجسامهم رقيقة لا تُرَى ، فاقتضى أن يُجْعَل رجلاً لكثافة جسمه حتى يرى .

والثاني : أنهم لا يستطيعون أن يروا الملائكة على صورهم ، وإذا كان في صورة الرجل لم يعلموا ملك هو أو غير ملك .

{ وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَّا يَلبِسُونَ } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدهما : معناه ولخلطنا عليهم ما يخلطون ، قاله الكلبي .

والثاني : لشبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم ، قال الزجاج : كما يشبهون على ضعفائهم واللبس في كلامهم هو الشك ومنه قول الخنساء :

أصدق مقالته واحذر عداوته *** والبس عليه بشك مثل ما لبسا

والثالث : وللبسنا على الملائكة من الثيات ما يلبسه الناس من ثيابهم ، ليكونوا على صورهم وعلى زيهم ، قاله جويبر .