{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ { 174 } أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [ 1 ] { 175 } ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [ 2 ] { 176 } }
عبارة الآيات واضحة ، وقد تضمنت تقريعاً وإنذاراً شديدين للذين يكتمون ما أنزل الله في كتبه وتقرير كونهم في شذوذهم وخلافاتهم فيها منحرفين بعيدين عن الحق على اعتبار أن سبيل الله والحق لا تتحملان خلافا ولا نزاعاً ولا شقاقاً .
ولقد روى الطبري عن أهل التأويل : أن المقصود بالآيات اليهود أو أحبارهم لأنهم كانوا يكتمون ما في كتب الله عندهم من صفات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم . والرواية ليست من الصحاح ، ومع أنها تنطوي على حقيقة الواقع من أحبار اليهود وقد أشير إلى مثل ما ذكرته عن اليهود في آيات سابقة . فإن الذي يتبادر لنا أن الآيات غير منقطعة الصلة عن الفصل السابق . ويخطر للبال على ضوء السياق أن اليهود استشهدوا على صحة ما ورد تحريمه في القرآن من الأطعمة الحيوانية المحرمة ، وهو ما ورد في آيات سورة الأنعام [ 93 ] وسورة النحل [ 115 ] لتكون الحجة أقوى وألزم على الكفار المشركين . ولعل هؤلاء طلبوا استشهادهم فلم يشهدوا بالحق الذي في كتبهم والذي بينه وبين ما حرمه القرآن تطابق ما وكتموا ذلك بقصد التعطيل والتشكيك فاستحقوا التنديد والإنذار الرهيبين هنا ، وفي الفصل الذي جاء بعد فصل الطواف بين الصفا والمروة لأن السياق متصل والله تعالى أعلم .
ولقد جاءت الآيات هنا مطلقة كسابقاتها أيضا لتكون شاملة لكل من يكتم كتاب الله . وما أوردناه في سياق الآيات السابقة من تنبيهات وأقوال وأحاديث يورد هنا بتمامه بطبيعة الحال مع التنبه إلى ما في الجملة { وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } في الآيات التي نحن في صددها من تشديد أقوى في التنديد في حالة توخي المنافع الدنيوية الخبيثة من الكتمان ؛ حيث يزيد هذا من إثم الكاتم وجريمته ويجعل عقوبته عند الله تعالى مضاعفة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.