الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ مَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (174)

أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } والتي في آل عمران ( إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا ) ( آل عمران الآية 77 ) نزلتا جميعا في يهود .

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم ، وأخذوا عليه طمعا قليلا .

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } قال : أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم في كتابهم من الحق ، والهدى ، والإسلام ، وشأن محمد ونعته { أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار } يقول : ما أخذوا عليه من الأجر فهو نار في بطونهم .

وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال : سألت الملوك اليهود قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ما الذي يجدون في التوراة ؟ قالوا : إنا نجد في التوراة أن الله يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له محمد بتحريم الزنا ، والخمر ، والملاهي ، وسفك الدماء ، فلما بعث الله محمدا ونزل المدينة قالت الملوك لليهود : هذا الذي تجدون في كتابكم ؟ فقالت : اليهود طمعا في أموال الملوك : ليس هذا بذلك النبي . فأعطاهم الملوك الأموال ، فأنزل الله هذه الآية إكذابا لليهود .

وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وعلمائهم ، كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضل ، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم ، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم ، فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها ، ثم أخرجوها إليهم وقالوا : هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي ، فإذ نظرت السفلة إلى النعت وجدوه مخالفا لصفة محمد فلم يتبعوه ، فأنزل الله { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } .