مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ مَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (174)

ونزل في رؤساء اليهود وتغييرهم نعت النبي عليه السلام وأخذهم على ذلك الرشا { إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ الله مِنَ الكتاب } في صفة محمد عليه السلام { وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيًلا } أي عوضاً أو ذا ثمن { أولئك مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ } ملء بطونهم تقول : أكل فلان في بطنه وأكل في بعض بطنه { إِلاَّ النار } لأنه إذا أكل ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنه أكل النار . ومنه قولهم «أكل فلان الدم » إذا أكل الدية التي هي بدل منه قال :

يأكلن كل ليلة إكافاً

أي ثمن إكاف فسماه إكافاً لتلبسه به بكونه ثمناً له . { وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ القيامة } كلاماً يسرهم ولكن بنحو قوله : { اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ } [ المؤمنون : 108 ] . { وَلاَ يُزَكّيهِمْ } ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم أو لا يثني عليهم { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } مؤلم فحرف النفي مع الفعل خبر «أولئك » و«أولئك » مع خبره خبر «إن » والجمل الثلاث معطوفة على خبر «إن » فقد صار ل «إن » أربعة أخبار من الجمل .