فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَشۡتَرُونَ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلًا أُوْلَـٰٓئِكَ مَا يَأۡكُلُونَ فِي بُطُونِهِمۡ إِلَّا ٱلنَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (174)

{ إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } توعد الله تعالى من يترك إظهار الحقائق التنزيلية وبيان السلطان والحجة العقلية من بعد ما نطقت بها الكلمات الربانية وبينتها الرسالات السماوية فمن أخفى من تلك الأمانات شيئا أو بدلها مقابل عرض يناله أو لحسد يأكل قلبه ، فما حصل إلا لهب جهنم يجرجر في بطنه ، ولن يفوز يوم القيامة ولن يظفر من الواحد القهار سبحانه بكلمة رحمة ولن تحط عنه خطيئة من خطيئاته بل النار مثوى لهم وفوح السعير وخزيها وقيدها وهوانها محيط به لا يفارقه ولا يخفف عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم شيخ زان وملك كذاب وعائل{[571]} مستكبر ) يقول بعض العلماء وإما خص هؤلاء بأليم العذاب وشدة العقوبة لمحض المعاندة والاستخفاف الحامل لهم على تلك المعاصي إذ لم يحمله على ذلك حاجة ولا دعتهم إليه ضرورة كما تدعو من لم يكن مثلهم ومعنى { لا ينظر إليهم } لا يرحمهم . أ ه .


[571]:عائل فقير وجرم هؤلاء الثلاثة أشد مما لو وقع في تلك المعاصي من ليس كحالهم فقد يعافي الله الشاب ما لا يعافي الشيخ وقد يكذب محكوم أو مستضعف وقد يحمل الغنى على شئ من الكبر أما أن يكذب الملك ويستكبر الفقير فلذالك مقت كبير أعاذنا الله تعالى به من الذنوب والخطايا.