قوله : ( اِنَّ الذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الكِتَابِ ) [ 173 ] . [ إلى قوله : ( المُتَّقُونَ ) [ 176 ] .
هذه الآية عند قتادة وغيره نزلت في أهل الكتاب( {[5251]} ) . كتموا ما أنزل الله عز وجل في كتابهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم( {[5252]} ) .
قال ابن عباس : " هم اليهود كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم وأخذوا( {[5253]} ) عليه طمعاً( {[5254]} ) قليلاً( {[5255]} ) " . وهو قول السدي والربيع( {[5256]} ) .
وقال عكرمة في هذه الآية وفي قوله : ( إِنَّ الذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً )( {[5257]} ) : نزلت جميعاً في يهود " ( {[5258]} ) .
قال ابن مسعود : / " قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَن حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْطَعُ بِها مَالاً( {[5259]} ) لَقِيَ اللَّهَ ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ " ( {[5260]} ) . وتصديقه في كتاب الله عز وجل : ( إِنَّ الذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً )( {[5261]} ) .
ومعنى ( يَشْتَرُونَ )( {[5262]} ) يبتاعون به( {[5263]} ) .
والهاء في " به " تعود على الكتمان ، أي : وابتاعوا بكتمانهم ما أنزل الله عز وجل في كتابهم( {[5264]} )ن ذكر محمد صلى الله عليه وسلم .
( ثَمَناً قَلِيلاً ) : أي : أخذوا عليه طمعاً( {[5265]} ) قليلاً ، أي : أخذوا الرشوة وكتموا ما أنزل الله عز وجل وبدلوه وحرفوه .
ثم قال تعالى : ( أُوْلَئِكَ مَا يَاكُلُونَ فِي بُطُونِهِمُ إِلاَّ النَّارَ ) [ 173 ] .
أي : ما يأكلون في بطونهم من الرشا إلا( {[5266]} ) ما يؤديهم إلى النار ، ومثله : ( اِنَّمَا يَاكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً )( {[5267]} ) أي : ما يوردهم( {[5268]} ) النار . فاستغنى في( {[5269]} ) الآيتين بذكر النار لفهم السامعين المعنى( {[5270]} ) لأنه لما كان ما( {[5271]} ) يأكلون من الطيبات بالرشا يوردهم النار كانوا كأنهم يأكلون النار . وإنما قال ( فِي بُطُونِهِمُ ) ، وقد علم أن الأكل لا يكون إلا في البطن لأن العرب تقول : " جُعْتُ فِي غَيْرِ بَطْنِي " و " شَبِعْتُ فِي غَيْرِ بَطْنِي " . فقيل في الآية : ( فِي بُطُونِهِمُ )/للفرق والتأكيد( {[5272]} ) .
وقوله : ( وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ) [ 173 ] .
أي : لا يكلمهم بما يحبون ولا بما يشتهون ، ويكلمهم بما يكرهون لأنه قد أخبر بأنه يقول لهم ( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ )( {[5273]} ) وقيل : معنى ( وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ) : يغضب( {[5274]} ) عليهم . يقال : " فُلانٌ لا يُكَلِّمُ فُلاَناً " إذا غضب عليه( {[5275]} ) .
وقيل : المعنى : لا يسمعهم كلامه لأن الأبرار يسمعون كلامه .
وقيل : معناه : لا يرسل لهم الملائكة بالتحية( {[5276]} ) .
وقوله : ( وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ) [ 173 ] : أي لا يطهرهم من دنس ذنوبهم وكفرهم .
( وَلَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ ) [ 173 ] : أي( {[5277]} ) موجع( {[5278]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.