التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَلَكَهُۥ يَنَٰبِيعَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يُخۡرِجُ بِهِۦ زَرۡعٗا مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ حُطَٰمًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (21)

يهيج : يتم جفافه .

حطاما : فتاتا أو محطما مهشما .

المتبادر أن الآية غير منفصلة عن سابقاتها ، وأنها جاءت بمثابة استطراد وتعقيب عليها لتنبيه الناس إلى ما يقع تحت مشاهدتهم من نزول المطر من السماء وتسربه إلى باطن الأرض ثم خروجه منها ينابيع وانسياحه على سطحها وما ينبت به من زرع مختلف الألوان ، ثم يتم نضجه وجفافه ثم يصفر ثم يصبح حطاما . وفي كل هذا ذكرى لذوي العقول والإذعان . وقد قال بعض المفسرين : إن فيها تنبيها على أنه لا بد أن يكون للكون صانع مدبر ، ودليلا على قدرة الله على بعث الناس وإعادتهم ثانية . وقال بعضهم : إن فيها تمثيلا لمظاهر الحياة للتحذير من الاغترار بها فكل ما يبدو فيها بهيجا عاقبته إلى الجفاف والدمار .

وكلا القولين وجيه ، مع التنبيه إلى أن ما في القول الثاني من قصد التحذير من الاغترار بالدنيا لا يعني الدعوة إلى نفض اليد منها . فذلك ما نفاه القرآن في مواضيع عديدة ، بل واستنكره في آية الأعراف هذه : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون ( 32 ) } وإنما يعني التحذير من الاستغراق فيها استغراقا مسرفا ينسي المرء واجبه نحو الله والناس والمصير الأخروي الذي سوف يلقى فيه جزاء ما قدم بين يديه من خير وشر .