التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{۞يَوۡمَ يَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُواْ لَا عِلۡمَ لَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (109)

{ يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ( 109 ) } ( 109 ) .

عبارة الآية واضحة . وقد قال المفسرون ( 3 ){[894]} ، ما مفاده : إنها تحتمل أن تكون متصلة بسابقاتها اتصال إنذار وتعقيب فيكون معناها : ( إن الله تعالى لا يوفق ولا يسعد الفاسقين المتمردين على أوامر الله الذين لا يتقونه في اليوم الذي يجمع الله فيه الرسل فيسألهم عما أجيبوا ) . كما قالوا : إنها تحتمل أن تكون بدء الفصل التالي ومقدمة له .

وكلا الاحتمالين وجيه يتحمله أسلوب الآية وسياق الكلام ، وإن كنا نرجح الثاني ؛ لأن الآيات التالية تلهم أن حكاية تذكير الله بعيسى عليه السلام ومخاطبته له مما سوف يكون في يوم القيامة فتكون الآية متسقة مع هذا أكثر لهذا السبب . وهذا الاتساق يبدو واضحا أكثر أيضا في حكاية جواب عيسى عليه السلام لله تعالى في الآيات : ( 116 – 118 ) إذا ما أمعن النظر فيها .

وإذا صح توجيهنا فتكون الآية بدء فصل جديد لا تبدو صلة ما بينه وبين الآيات السابقة ، ويحتمل أن يكون نزل عقبها بدون فاصل فوضع بعدها والله أعلم .

ولقد تعددت التأويلات المعزوة إلى علماء التأويل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم لجملة : { لا علم لنا } لأن رسل الله يعلمون على الأقل ماذا أجيبوا في حياتهم . فمنهم من قال : إن جوابهم نتيجة ذهول من هول الموقف . ومنهم من قال : إنهم قصدوا به أن لا علم لنا إلا علما أنت أعلم به منا . والذي يتبادر لنا أن الجملة الجوابية جملة أسلوبية ، وأن المراد منها بيان كونهم لم يعرفوا إلا القليل الظاهر في حين أن الله عز وجل يعلم الحقائق ما ظهر منها وما خفي وما وقع منها في حياتهم وبعدها .


[894]:انظر تفسير الطبري والخازن وابن كثير وغيرهم.