فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞يَوۡمَ يَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُواْ لَا عِلۡمَ لَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (109)

*يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب( 109 )

يوم يحشر الله تعالى الخلائق إنسا وجنا بأرواحهم وأجسادهم ، ويجاء بكل أناس بإمامهم ، ويطلب إلى الرسل أن يشهدوا على أممهم ، يفوضون العلم إلى مولاهم وربهم ، الذي لا يغيب عن علمه ما ظهر أو بطن من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم ؛ وإنه لوعد ربنا الذي لا يخلف : ( فوربك لنسألنهم أجمعين . عما كانوا يعملون ) ( {[1918]} ) ؛ ( فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ) ( {[1919]} ) ؛ قال السدي : نزلوا منزلا ذهلت فيه العقول فلما سئلوا قالوا : { لا علم لنا } ثم نزلوا منزلا آخر فشهدوا على قومهم . ا ه ، تحقيقا للوعد المفعول : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ( {[1920]} ) ! ؟ { يوم } ظرف زمان- والعامل فيه مقدر- أي : واتقوا يوم يجمع الله الرسل ؛ وجائز أن يكون التقدير يوم يجمع الله الرسل يكون من الأهوال ما يكون ؛ قال النحاس : والصحيح في هذا المعنى : ماذا أجبتم في السر والعلانية ، ليكون هذا توبيخا للكفار ؛ . . . فيكون هذا تكذيبا لمن اتخذ المسيح إلها ؛ وقال ابن جريج : معنى قوله : { ماذا أجبتم } ؟ ماذا عملوا بعدكم ؟ ؛ قال أبو عبيد : ويشبه هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يرد علي أقوام الحوض فيُختلَجون ( {[1921]} ) فأقول أمتي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " قال الماوردي : فإن قيل : فلم سألهم عما هو أعلم به منهم ؟ فعنه جوابان : أحدهما- أنه سألهم ليعلمهم ما لم يعلموا من كفر أممهم ونفاقهم ، وكذبهم عليهم من بعدهم ؛ الثاني- أنه أراد أن يفضحهم بذلك على رءوس الأشهاد ليكون ذلك نوعا من العقوبة لهم . ا ه .


[1918]:من سورة الحجر. الآيتان93،92.
[1919]:من سورة الأعراف. الآية 6.
[1920]:من سورة النساء. الآية 41.
[1921]:أي: يجتذبون ويقتطعون.