قوله عز وجل : { يوم يجمع الله الرسل } قال الزجاج هي متصلة بما قبلها تقديرها : واتقوا الله يوم يجمع الله الرسل ، وقيل : تقدير : والله لا يهدي القوم الفاسقين يوم يجمع الله الرسل . أي لا يهديهم إلى الجنة في ذلك اليوم وهو يوم القيامة وقيل إنها منقطعة عما قبلها وتقديره اذكر يا محمد يوم يجمع الله الرسل ذلك يوم القيامة { فيقول ماذا أجبتم } يعني فيقول الله تبارك وتعالى للرسل ماذا أجابكم أممكم وما الذي رد عليكم قومكم حين دعوتموهم في دار الدنيا إلى توحيدي وطاعتي وفائدة هذا السؤال توبيخ أمم الأنبياء الذين كذبوهم { قالوا } يعني الرسل { لا علم لنا } قال ابن عباس : معناه لا علم لنا كعلمك فيهم لأنك تعلم ما أضمروا وما أظهروا ونحن لا نعلم إلا ما أظهروا فعلمك فيهم أنفذ من علمنا وأبلغ . فعلى هذا القول ، إنما نفوا العلم عن أنفسهم وإن كانوا علماء لأن علمهم صار كلا علم عند علم الله .
وقال في رواية أخرى : معناه لا علم لنا إلا علم أنت أعلم به منا وهذا القول قريب من الأول . وقيل : معناه لا علم لنا بوجه الحكمة عن سؤالك إيانا عن أمر أنت أعلم به منا . وقيل : معناه لا حقيقة لعلمنا بعاقبة أمرهم لأنا كنا نعلم ما كان من أفعالهم وأقوالهم وقت حياتنا ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا ولا نعلم ما أحدثوا من بعدنا ومنه ما أخبر الله عن عيسى عليه السلام بقوله : { وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم } ومنه ما روي عن انس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليردن على الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رفعوا إليّ اختلجوا دوني فلأقولن أي رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " زاد في رواية " فأقول سحقاً لمن بدل بعدي " أخرجاه في الصحيحين وقال جمع من المفسرين إن للقيامة أهوالاً وزلازل تزول فيها القلوب عن مواضعها فيفزعون من هول ذلك ويذهلون عن الجواب ثم إذا ثابت إليهم عقولهم يشهدون على أممهم بالتبليغ .
وهذا فيه ضعف ونظر لأن الله تعالى قال في حق الأنبياء : { لا يحزنهم الفزع الأكبر } . وذكر الإمام فخر الدين الرازي وجهاً آخر وهو أن الرسل عليهم السلام لما علموا أن الله تعالى عالم لا يجهل وحليم لا يسفه وعادل لا يظلم علموا أن قولهم لا يفيد خيراً ولا يدفع شراً فرأوا أن الأدب في السكوت وفي تفويض الأمر إلى الله تعالى وعدله فقالوا لا علم لنا { إنك أنت علام الغيوب } يعني إنك تعلم ما غاب عنا من بواطن الأمور ونحن نعلم ما نشاهد ولا نعلم ما في البواطن . وقيل معناه إنك لا يخفي عليك ما عندنا من العلوم وأن الذي سألتنا عنه ليس بخاف عليك لأنك أنت علام الغيوب ومعناه العالم بأصناف المعلومات على تفاوتها ليس تخفي عليه خافية وبناء فعال بتاء التكثير ودلت الآية على جواز إطلاق العلام على الله تعالى كما يجوز إطلاق الخلافة عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.