تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞يَوۡمَ يَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُواْ لَا عِلۡمَ لَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (109)

التفسير :

109- يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم . . . الآية .

تمهيد :

ذكر الله تعالى فيما سبق الدعوة إلى إقامة الشهادة على وجهها ، وحذر من شهادة الزور ، وأمر بتقوى الله ثم عقب على ذلك بذكر أهوال القيامة .

قال الفخر الرازي : اعلم أن عادة الله – تعالى – جارية في هذا الكتاب الكريم أنه إذا ذكر أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف والأحكام ، أتبعها غما بالإلهيات ، وإما بشرح أحوال الأنبياء أو بشرح أحوال القيامة ، ليصير ذلك مؤكدا لما تقدم ذكره من التكاليف والشرائع ، وهنا لما ذكر فيما سبق أنواعا كثيرة من الشرائع أتبعها بذكر أحوال القيامة .

يوم يجمع الله الرسل فيقولون ماذا أجبتم . . . الآية .

بمعنى : اذكر أيها المكلف ذلك اليوم الهائل الشديد ، يوم يجمع الله الرسل الذين أرسلهم إلى مختلف الأقوام ، في شتى الأمكنة والأزمان ، فيقول لهم : ماذا أجبتم من أقوامكم ؟

أي : ما الإجابة التي أجابكم بها أقوامكم ؟

أهي إجابة قبول ؟ أم إجابة رفض وإباء .

وبما أن الله تعالى يعلم جواب الأمم لرسلهم فالمقصود من السؤال توبيخ قومهم ، كما كان سؤال المؤودة توبيخا للوائد .

قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب .

أي لا علم لنا يذكر بجانب علمك المحيط بكل شيء ، ونحن وإن كنا قد عرفنا ما أجابنا به أقوامنا . إلا أن علمنا لا يتعدى الظواهر ، أما علمك أنت يا ربنا فشامل للظواهر والبواطن .

وقيل : من هول ذلك اليوم يفزعون ويذهلون عن الجواب ، ثم يجيبون بعد ما تثوب إليهم عقولهم بالشهادة على أنفسهم .

( وقيل معناه : لا علم لنا بما كان منهم بعدنا ، وإنما الحكم للخاتمة ( 37 ) )