تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞يَوۡمَ يَجۡمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبۡتُمۡۖ قَالُواْ لَا عِلۡمَ لَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (109)

وقوله تعالى : ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ )

دل أنه لما ذكروا ، ولكن للوجهين . قال أهل التأويل : بل إنما يقولون ذلك لفزعهم من هول ذلك اليوم وشدته تطير قلوبهم ، وتذهل أفئدتهم ، فيقولون : ( لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ) .

فلو كان ذلك منهم للهول والفزع على ما قاله أهل التأويل لكان لا تتهيأ لهم الإجابة ، وقد قالوا : ( لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ) دل أنه لا لما[ من م ، في الأصل : لأنه ] ذكروا ، ولكن للوجهين الآخرين ، والله أعلم .

أحدهما : أن سألهم عن حقيقة إجابة قومهم لهم بالضمائر ؛ أ ] لم تطلعنا على علم الضمائر والغيوب ، فأنت أعلم بذلك .

والثاني : أن أحدثوا أمورا ، وأبدعوها[ في الأصل وم : وأبدعوهما ] من ذات أنفسهم ، فنسبوا ذلك إلى الرسل كقوله تعالى : ( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلاهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته ) إلى قوله ( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به )[ الآيتين : 116و117 ] كأنهم قالوا : إن عيسى [ صلوات الله على نبينا وعليه السلام ][ في م : عليه السلام ] هو الذي دعاهم إلى ذلك ، فيقول لهم : ( ماذا أجبتم ) فقالوا ( لا علم لنا ) في ما ادعوا علينا من الأمور التي أتوها ( إنك أنت علام الغيوب ) بأنا لم نقل لهم ، ولم ندعهم إلى ما ادعوا من الأمور .

على هذين الوجهين يخرج تأويل الآية ، والله أعلم . ومثل هذا السؤال لهم بما أخبر في آية أخرى أنه يسألهم كقوله تعالى : ( فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين )[ الأعراف : 6 ] يسأل الرسل عن تبليغ الرسالة إلى قومهم ، ويسأل قومهم عن إجابتهم لهم ليقطع احتجاجهم ، وإن لم يكن أمر الحجاج .