جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ} (54)

{ ومكروا } أي : الذين أحس منهم الكفر في قتل عيسى ، { ومكر{[707]} الله } : جازاهم{[708]} على مكرهم حين رفع عيسى ، وألقى شبهه على أحد ، فأخذوه ، وقتلوه ، { والله خير الماكرين } أقواهم وأقدرهم .


[707]:المكر في العبد حيلة يجلب بها غيره إلى مضرة، ولا يسند إلى الله إلا على سبيل المقابلة ووصف تعالى نفسه بالمكر والكيد كما وصف عبده بهما لكن ليس المكر كالمكر والكيد كالكيد، ولله المثل الأعلى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (الشورى: 11)/12.
[708]:هذا من باب الجزاء عن الفعل بمثل لفظه، والمعنيان مختلفان نحو قوله الله تعالى: (إنما نحن مستهزؤون الله يستهزئ بهم) (البقرة: 14، 15) - أي: يجازيهم جزاء الاستهزاء وكذلك (سخر الله منهم) (التوبة: 79)، (ومكروا ومكر الله)، (وجزاء سيئة سيئة مثلها) (الشورى: 40)، هي من المبتدئ سيئة، ومن الله جل وعز جزاء وقوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (البقرة: 194)، فالعدوان الأول ظلم والثاني: جزاء والجزاء لا يكون ظلما وإن كان لفظه كلفظ الأول، ومنه قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (اللهم إن فلانا هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر اللهم العنه عدد ما هجاني أو مكان ما هجاني) [ لا يصح، انظر العلل لابن أبي حاتم (2283)]، أي: جازه جزاء الهجاء، وكذلك قوله تعالى (نسوا الله فنسيهم) (التوبة: 67) /12 م.