تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ} (54)

الآية 54 وقوله تعالى : { ومكروا ومكر الله } مكروا بنبي الله عيسى عليه السلام حين كذبوه ، وهموا بقتله ، { ومكر الله } أي يجازيهم جزاء مكرهم ، وحرف{[3885]} المكر مذموم عند الخلق ، فلا يجوز أن يسمى الله به إلا في موضع الجزاء على ما ذكره جل وعلا في موضع الجزاء كقوله : { فمن اعتدى عليكم } [ البقرة : 194 ] والاعتداء منهي [ عنه ]{[3886]} غير جائز كقوله : { ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين }

[ البقرة : 190 ] فكان قوله : { فاعتدوا عليه } [ البقرة : 194 ] هو جزاء الاعتداء ، فيجوز . فعلى ذلك المكر والخداع والاستهزاء لا يجوز أن يسمى [ الله ]{[3887]} به ، فيقال : يا ماكر ، ويا خادع ، ويا مستهزئ لأنها حروف مذمومة عند الناس ، فيشتم بعضهم بعضا بذلك ، لذلك لا يجوز أن يسمى الله به إلا في موضع الجزاء ، وبالله العصمة .

وقوله تعالى : { والله خير الماكرين } أي خير المجيزين ، [ يجازي ]{[3888]} أهل الجور بالعدل وأهل الخير بالفضل ، وقيل : { ومكروا } حين كذبوه ، وهموا بقتله ، { ومكر الله } حين رفع الله عيسى عليه السلام ، وألقى شبهة على رجل منهم ، حتى قتلوه ، فذلك خير لعيسى عليه السلام من مكرهم ، وقيل : { ومكروا } أي قالوا { ومكر الله } قال الله : قولهم الشرك ، وقال لهم : قولوا [ قول ]{[3889]} التوحيد { والله خير الماكرين } أي خير القائلين .

قال الشيخ ، رحمه الله : { والله خير الماكرين } بما بالحق يمكر ، ويأخذ من استحق الأخذ ، وهم لا ، والله أعلم . والمكر هو الأخذ بالغفلة ، والله يأخذهم بالحق من حيث لا يعلمون ، فسمي مكرا لذلك كما يقال : امتحنه الله ، وهو الاستظهار ، ولكن يراد به هذا في الله .


[3885]:في الأصل وم: والأحرف.
[3886]:ساقطة من الأصل وم.
[3887]:ساقطة من الأصل وم.
[3888]:ساقطة من الأصل وم.
[3889]:ساقطة من الأصل وم.