جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ} (61)

{ فمن حاجّك فيه } : في عيسى ، { من بعد ما جاءك من العلم } ، بأنه عبد الله ورسوله ، { فقل تعالوا } : هلموا ، { ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم } ، أنفسنا : رسول الله ، وعلي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام{[715]} ، والعرب تسمي ابن عم الرجل نفسه ، وأبناءنا : الحسن ، والحسين ، ونساءنا : فاطمة رضي الله عنهم هكذا{[716]} ذكره السلف ، وقيل : معناه يدع كل مني ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه على المباهلة ، وقدم الأبناء والنساء على النفس ؛ لأن الرجل يقدمهم على نفسه ويفدي بنفسه لهم ، { ثم نبتهل } نتضرع في الدعاء أو نتلاعن من الابتهال الالتعان { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } الفاء على المعنى الأول ألصق ، وسبب نزول هذه المباهلة وما قبلها من أول السورة في وفد{[717]} نجران النصارى يحاجون في عيسى يزعم بعضهم أنه وهو الله ، وبعضهم أنه ولد الله وبعضهم أنه ثالث ثلاثة ، فأنزل الله فيهم صدر هذه السورة إلى بضع وثمانين آية ، فخرج{[718]} رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعلي ودعاهم إلى المباهلة فقالوا : دعنا ننظر ، فاستشاروا فقال كبيرهم : ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم ، وإني أراهم وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزال ، فأتوا وقالوا : يا أبا القاسم قد رأينا ألا نلاعنك ، ونتركك على دينك ونرجع على ديننا ونبذل لك الخراج .


[715]:كذا قال، والأولى أن يقال: علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – كسائر أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن اختصاصه دونهم بالصلاة والسلام عليه، قد يوهم ما عليه من يعتقد نبوته من الشيعة. د/هنداوي.
[716]:رواه الحاكم في مستدركه عن بعض الصحابة وقال: صحيح على شرط مسلم وهو المروي عن ابن عباس والبراء وغيرهم من أكثر السلف/12 منه.
[717]:وفد نجران وهم ستون راكبا وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم وعلمائهم/12.
[718]:رواه ابن مردويه، والبيهقي، والنسائي كل منهم من [كذا بالأصل، و(مِن) تأتي بمعنى (عن) انظر همع الهوامع للسيوطي بتحقيق د/عبد الحميد هنداوي] أحد من الصحابة وروى البخاري، ومسلم [أخرجه البخاري في (المغازي) (4380)، ومسلم في (الفضائل). (2420)]، والترمذي بعض هذا الذي نقلناه وذكره ابن إسحاق في سيرته بتفصيل، وتطويل/12 منه.