الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ} (54)

وقوله : ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ) : هذا إخبار عن الذي( {[10079]} ) أَحَسَّ عيسى منهم الكفر وهو ما اجتمعوا عليه من قتل عيسى صلى الله عليه وسلم ، وتكذيبه فيما أتى به ، فمكرهم هو ما نووا من قتله( {[10080]} ) ، ومكر الله سبحانه ما ألقى من الشبه على بعض أتباع عيسى صلى الله عليه وسلم حتى قتله الماكرون يظنونه عيسى صلى الله عليه وسلم ، ثم رفع الله عيسى صلى الله عليه وسلم .

وقيل المكر من الله جل ذكره الاستدراج والإمهال( {[10081]} ) ، وذلك أن بني إسرائيل حصروا( {[10082]} ) عيسى صلى الله عليه وسلم ، ومعه تسعة عشرة رجلاً من الحواريين في بيت ، فقال عيسى لأصحابه ، من يأخذ صورتي فيقتل وله جنة ؟ فأخذها رجل منهم ورفع الله عيسى إلى السماء ثم خرج الحواريون فأخبروا أن عيسى صلى الله عليه وسلم رفع إلى السماء فجعلوا يعدون القوم فيجدونهم ينقصون رجلاً من العدة ويرون ، صورة عيسى صلى الله عليه وسلم فيهم فشكوا فيه ، فقتلوه وصلبوه يرون أنه عيسى صلى الله عليه وسلم( {[10083]} ) ، ويروى أن اليهود كفروا بعيسى صلى الله عليه وسلم( {[10084]} ) ، وهموا بقتله ، وكان مع عيسى رجل من اليهود آمن بعيسى فدل على عيسى فحوله [ الله ]( {[10085]} ) في صورة عيسى ، فأخذه بنو إسرائيل ، فقتلوه( {[10086]} ) ، وصلبوه وهم يظنون( {[10087]} ) أنه عيسى صلى الله عليه وسلم ، فذلك قوله : ( وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ )( {[10088]} ) .

والمكر : الحيلة ، المكيدة ، والمكر من الله سبحانه عقوبة ، وجزاء من حيث لا يعلم العبد( {[10089]} ) .


[10079]:- كذا في كل النسخ، وصوابه الذين. انظر: جامع البيان 3/288.
[10080]:- (أ): ما نووا من قتلهم.
[10081]:- انظر: معاني الزجاج 1/419.
[10082]:- (ج): حسروا.
[10083]:- انظر: جامع البيان 3/289 والدر المنثور 2/224.
[10084]:- ساقط من (ب) (ج) (د).
[10085]:- ساقط من (أ).
[10086]:- (ب): قتلوه.
[10087]:- (أ): ينظرون.
[10088]:- انظر: جامع البيان 3/289.
[10089]:- انظر: معاني الزجاج 1/419.