فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ} (54)

قوله : { وَمَكَرُوا } أي : الذي أحسّ عيسى منهم الكفر ، وهم : كفار بني إسرائيل . ومكر الله : استدراجه للعباد من حيث لا يعلمون . قاله الفراء ، وغيره . وقال الزجاج : مكر الله مجازاتهم على مكرهم ، فسمي الجزاء باسم الابتداء ، كقوله تعالى : { الله يَسْتَهْزِئ بِهِمْ } [ البقرة : 15 ] { وَهُوَ خَادِعُهُمْ } [ النساء : 142 ]

وأصل المكر في اللغة : الاغتيال ، والخدع : حكاه ابن فارس ، وعلى هذا ، فلا يسند إلى الله سبحانه إلا على طريق المشاكلة .

وقيل : مكر الله هنا إلقاء شبه عيسى على غيره ، ورفع عيسى إليه { والله خَيْرُ الماكرين } أي : أقواهم مكراً ، وأنفذهم كيداً ، وأقواهم على إيصال الضرر بمن يريد إيصاله به من حيث لا يحتسب .

/خ58