بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ} (54)

ثم قال تعالى حكاية عن كفار قومه : { وَمَكَرُواْ } يعني أرادوا قتل عيسى عليه السلام { وَمَكَرَ الله } تعالى ، أي جازاهم جزاء المكر { والله خَيْرُ الماكرين } لأن مكرهم جَوْرٌ ومكر الله عَدْل . قال الكلبي : وذلك أن اليهود اجتمعوا على قتل عيسى ، فدخل عيسى عليه السلام البيت هارباً منهم ، فرفعه جبريل من الكوَّة إلى السماء . كما قال في آية أخرى ، { وأيدناه بِرُوحِ القدس } فقال ملكهم لرجل خبيث يقال له يهوذا : ادخل عليه ، فاقتله ، فدخل الرجل الخوخة ، فلم يجد هناك عيسى ، وألقى الله عليه شبه عيسى عليه السلام فلما خرج رأوه على شبه عيسى ، فأخذوه وقتلوه وصلبوه ، ثم قالوا : وجهه يشبه وجه عيسى ، وبدنه يشبه بدن صاحبنا فإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا ، وإن كان هذا صاحبنا ، فأين عيسى ، فوقع بينهم قتال ، فقتل بعضهم بعضاً ، فلما خرجوا رأوه على بيت ، فذلك قوله : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله والله خَيْرُ الماكرين } قال الضحاك : وكانت القصة أن اليهود خذلهم الله تعالى لما أرادوا قتل عيسى عليه السلام اجتمع الحواريون في غرفة ، وهم اثنا عشر رجلاً ، فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة فأخبر إبليس جميع اليهود ، فركب منهم أربعة آلاف رجل ، فأحدقوا بالغرفة . فقال المسيح للحواريين : أيكم يخرج فَيُقْتَلُ وهو معي في الجنة ؟ فقال رجل منهم : أنا يا نبي الله ، فألقى إليه مدرعة من صوف ، وعمامة من صوف ، وناوله عكازه ، فألقي عليه شبه عيسى عليه السلام فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه ، وأما المسيح ، فكساه الله الريش ، وألبسه النور ، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب ، فطار في الملائكة .