جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلۡنَا مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبۡلِ أَن نَّطۡمِسَ وُجُوهٗا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰٓ أَدۡبَارِهَآ أَوۡ نَلۡعَنَهُمۡ كَمَا لَعَنَّآ أَصۡحَٰبَ ٱلسَّبۡتِۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ مَفۡعُولًا} (47)

{ يا أيها{[1029]} الذين أُوتوا الكتاب آمنوا بما نزّلنا مُصدّقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنرُدّها على أدبارها } نحو العين والأنف ونجعلها من قبل الأقفية فلهم عينان{[1030]} من القفى يمشون قهقرى ، أو نجعلها كالأقفاء بلا عين وأنف ، أو بأن نجعلها منابت{[1031]} الشعور كالقردة ، أو أن نطمس وجوها عن صراط{[1032]} الحق فنردها على أدبارها في الضلالة ، أو نردهم إلى بلاد الشام من أرض الحجاز ، فالمراد إجلاؤهم من أوطانهم ، والطمس والمسخ يكونان لهم قبل{[1033]} القيامة{[1034]} أو لهم هذا في القيامة ، أو مشروط بعدم الإيمان وقد آمن بعضهم { أو نلعنهم } الضمير للذين على طريقة الالتفات { كما لعنّا أصحاب{[1035]} السبت } نخزيهم بالمسخ فنجعلهم قردة وخنازير كما فعلنا بأصحاب السبت { وكان أمر الله مفعولا } لا راد لحكمه .


[1029]:لما أعلم أن بعضهم غير ملعونين خاطب الجميع ليأتمر من لم يتطوق على أعناقه اللعن فقال: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب أمنوا) الآية (آل عمران: 47)/12 وجيز.
[1030]:قاله ابن عباس/12 وجيز.
[1031]:فيكون تقديره: نردها على هيئة أدبارها فإن منابت شعور الآدميين في أدبار وجوههم/12.
[1032]:فيكون المراد طمس وجه القلب، والرد عن بصائر الهدى على أدبارها في الضلالة/12 منه.
[1033]:عند نزول عيسى كذا ثبت عن السلف/12 وجيز.
[1034]:هذا جواب عما يقال: إن الله تعالى قد أوعدهم بالطمس والمسخ ولم يقع أحد منهما/12 منه.
[1035]:ولما سمع عبد الله بن سلام هذه الآية جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويده على وجهه فأسلم، وقال: يا رسول الله ما كنت أرى أني أصل إليك حتى تحول وجهي في قفاي/2 وجيز.