بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلۡنَا مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبۡلِ أَن نَّطۡمِسَ وُجُوهٗا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰٓ أَدۡبَارِهَآ أَوۡ نَلۡعَنَهُمۡ كَمَا لَعَنَّآ أَصۡحَٰبَ ٱلسَّبۡتِۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ مَفۡعُولًا} (47)

ثم خوفهم فقال : { يَا أَيُّهَا الذين أُوتُواْ الكتاب آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا } أي صدقوا بالقرآن { مُصَدّقاً لّمَا مَعَكُمْ } أي موافقاً للتوراة في التوحيد وبعض الشرائع { مّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا على أدبارها } وطمسها أن يردها على بصائر الهدى ، ويقال طمسها أن يحول الوجوه إلى الأقفية . ويقال : يخسف الأنف والعين فيجعلها طمساً . ويقال : من قبل أن يطمس أي تسود الوجوه . قال بعضهم : يعني به في الآخرة . ويقال : هذا تهديد لهم في الدنيا . وذكر أن عبد الله بن سلام قدم من الشام ، فلم يأتِ أهله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : ما كنت أرى أن أصل إليك حتى يتحول وجهي في قفاي . ويقال : { مّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً } يعني وجه القلب ، وهو كناية عن القسوة . وقال مقاتل : يعني من قبل أن تحول القبلة كقوله { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فاستبقوا الخيرات أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعًا إِنَّ الله على كُلِّ شيء قَدِيرٌ } [ سورة البقرة : 148 ] ثم قال تعالى : { أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أصحاب السبت } أي نمسخهم كما مسخنا أصحاب السبت القردة . ثم قال { وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً } أي كائناً ، وهذا وعيد من الله تعالى لهم ليعتبروا ويرجعوا .