يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } خاصة باليهود ، { آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا } يعني القرآن ، { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } قال ابن عباس : كلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار اليهود منهم عبد الله بن صوريا وكعب بن أسد ، فقال لهم : " يا معشر اليهود اتقوا الله وأسلموا ، فوالله إنّكم تعلمون أنّ الذي جئتكم به لحقّ " ، فقالوا : ما نعرف ذلك يا محمد وأنكروا وأصرّوا على الكفر ، فأنزل الله عزّ وجلّ { يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } " .
{ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَآ } قراءة العامة بكسر الميم ، وقرأ أبو رجاء بضمّها ، وهما لغتان ، قال ابن عباس : يجعلها كخفّ البعير أو كحافر الدابة .
قتادة والضحاك : نعميها ، ذَكر الوجه والمراد به العين { فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَآ } أي نحوّل وجوهها إلى ظهورها ، ونجعل أبصارها من جهة أقفائها ، وهذه رواية عطية عن ابن عباس . الفرّاء : الوجوه منابت للشعر كوجوه القردة ، لأنّ منابت شعور الآدميين في أدبار وجوههم . القتيبي : نمحو آثارها وملامحها من عين وحاجب وأنف وفم ، فنردّها على أدبارها أي كالأقفاء .
فإن قيل : كيف جاز أن يهدّدهم بطمس وجوههم إن لم يؤمنوا ، ثم لم يؤمنوا ولم يفعل بهم ذلك ؟
فالجواب أن نقول : جعل بعضهم هذا الوعيد باقياً منتظراً ، فقال : لابد من طمس وجوه اليهود أي بالمسخ قبل الساعة ، وهذا قول المبرّد ، وقال بعضهم : كان هذا وعيداً بشرط ، فلمّا أسلم عبد الله بن سلام وأصحابه رفع الباقين ، وقيل : لمّا أُنزلت هذه الآية ، أتى عبد الله بن سلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتي أهله فأسلم ، وقال : يا رسول الله ما كنت أرى أن أصل إليك حتى يتحول وجهي في قفاي . وقال النخعي : قرأ عمر هذه الآية على كعب الأحبار ، فقال كعب : يا ربّ أسلمت ، يا ربّ أسلمت مخافة أن يشمله وعيد هذه الآية .
وقال سعيد بن جبير : الطمس أن يرتدّوا كفاراً فلا يهتدوا أبداً . الحسن ومجاهد : من قبل أن نُعميَ قوماً عن الصراط وعن بصائر الهدى ، فنردّها على أدبارها حتى يعودوا إلى حيث جاؤوا منه بدءاً ، وهو الشام . وأصل الطمس : المحو والإفساد والتحويل ، ومنه يقال : رسم طاسم ، وطامس أي دارس ، والريح تطمس الأثر أي تمحوه وتعفوه .
{ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَابَ السَّبْتِ } فنجعلهم قردة وخنازير { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.