جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

{ ونُفخ في الصور } : هي النفخة الثانية ، إذ النفخة الأولى ريح باردة{[4334]} من قبل الشام ، فيموت كل من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ، ويبقى شرار الناس يعبدون الأوثان في رغد من العيش ، ثم ينفخ في الصور ، { فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من{[4335]} شاء الله }المراد : بعض الملائكة المقربين فإنهم لا يصعقون عند هذه النفخة ، بل يقبض الله تعالى أرواحهم بعدها ، حتى يكون آخر من يموت ملك الموت ، فلا يبقى إلا الله تعالى ، فيقول : لمن الملك اليوم ؟ ، ثلاث مرات ، ثم يجيب نفسه بنفسه ، فيقول : لله الواحد القهار ، وقد ورد في حديث{[4336]} أن المراد منهم الشهداء ، فإنهم متقلدون أسيافهم حول عرشه ، وقد مر في سورة النمل ، { ثم نفخ فيه } : في الصور ، { أخرى } ، مرفوع بأنه فاعل نفخ كما يقال : جاءتني أخرى ، أو منصوب بمصدر أي : نفخة أخرى ، ونفخ مسند إلى الجار والمجرور ، { فإذا هم قيام } : قائمون من مهلكهم ، { ينظرون } إلى الجوانب كما كانوا قبل ذلك ، أو ينتظرون أمر الله تعالى فيهم ،


[4334]:كما في الأحاديث المعتمدة / 12 وجيز. (وهو في البخاري أيضا).
[4335]:أخرج أحمد، وعند ابن الحميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رجل من اليهود بسوق المدينة: والذي اصطفى موسى على البشر، فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه، وقال: أتقول هذا وفينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: "قال الله: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} فأكون أول من يرفع رأسه، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله'' / 12 در منثور. وعن قتادة في الآية قال: ما يبقى أحد إلا مات، وقد استثنى والله أعلم بثناياه، نقله السيوطي في الدر المنثور، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم / 12.
[4336]:قال الشيخ عماد الدين ابن كثير: رواة الحديث كلهم ثقات إلا واحد منهم فإنه غير معروف/ 12 منه. [والحديث أخرجه أبو يعلى والدارقطني في الأفراد وابن المنذر والحاكم كما في الدر المنثور (5/ 630)].