جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّيۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقۡتِهَآ إِلَّا هُوَۚ ثَقُلَتۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا تَأۡتِيكُمۡ إِلَّا بَغۡتَةٗۗ يَسۡـَٔلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنۡهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (187)

{ يسألونك{[1778]} عن الساعة } أي : القيامة { أيّان مرساها{[1779]} } متى يكون ، وأي وقت إثباتها ؟ نزلت في قريش يسألون وقتها استبعادا لوقوعها { قل إنما علمها عند ربي لا يُجلّيها لوقتها إلا هو } أي : لا يظهر أمرها في وقتها إلا هو أي : الخفاء به مستمر إلى وقت الوقوع واللام للتأنيث كقولهم كتب لثلاث من رجب { ثقُلت في السماوات والأرض } عظمت وشقت{[1780]} على أهل السماوات والأرض لهولها أو ثقلت{[1781]} عليهما عند الوقوع حتى انشقت وانهدمت ، أو ثقل{[1782]} علمها وخفاؤها على أهلهما وعلى الوجوه كلمة في استعارة منبهة على تمكن الثقل ، أو معناه خفيت في السماوات والأرض لا يعلمها شيء وكل خفي ثقيل { لا تأتيكم إلا بغتة } فجأة على غفلة ونصبه على المصدر فإنها نوع من الإتيان { يسألونك كأنك حفيٌّ عنها } أي : عالم بها من حفى{[1783]} عن الشيء بالغ في السؤال عنه ، والمبالغة في السؤال مستلزم للعلم أطلق الحفي وأريد العالم ، أو كأنك بالغت في السؤال عنها حتى علمت ، أو عنها متعلق بيسألونك أي : يسألونك عنها كأنك شفيق بهم من الحفاوة بمعنى الشفقة فإن قريشا{[1784]} قالوا يا محمد بيننا وبينك قرابة فأسر إلينا متى الساعة ، وكأنك في موقع الحال أي : مشبها حالك بحال الحفي { قل إنما علمُها عند الله } لا يطلع عليه أحد كرره تأكيدا { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } أن علمها{[1785]} مختص بالله .


[1778]:ولما قال قد اقترب أجلهم وما هذا إلا تخويفهم من الساعة فقد سألوا منها فقال: (يسألونك) الآية/12 وجيز.
[1779]:رُسُوُّ الشيء ثباته واستقراره/12 منه.
[1780]:نقله ابن جرير عن ابن عباس واختاره من بين الأقوال/12 منه.
[1781]:قول ابن عباس وابن جريج/12.
[1782]:قاله ابن نجيح والضحاك وقد روي عن ابن عباس/12 منه.
[1783]:الأول أن حفى مجاز عن العلم والوجه الثاني أنه مستعمل في معناه الحقيقي فلا تغفل/12 منه.
[1784]:رواه قتادة وغيره/12.
[1785]:لما اختص علم الساعة بأنه لا يعلمها إلا هو ربما ظن ظان أنه -صلى الله عليه وسلم- عالم بها لما يلقى إليه من الغيب فرفع الظن وقال: (قل لا أملك) الآية/12 وجيز.