الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّيۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقۡتِهَآ إِلَّا هُوَۚ ثَقُلَتۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا تَأۡتِيكُمۡ إِلَّا بَغۡتَةٗۗ يَسۡـَٔلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنۡهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (187)

قوله سبحانه : { يَسْئَلُونَكَ عَنِ الساعة }[ الأعراف :187 ] .

قال قتادة : السائِلُونَ : هم قريش ، وقال ابن عباس : هم أحبار اليهود .

( ت ) : وفي «السِّيرَة » لابنِ هشامٍ : أَن السائلين من أحبار اليهود : حَمَلُ بْنُ أبي قُشَيْرٍ ، وَسَمَوْألُ بْنُ زَيْدٍ ، انتهى .

و{ الساعة } : القيامة مُوِّتَ كُلّ من كان حَيًّا حينئذٍ ، وبُعِث الجميع ، و{ أَيَّانَ } : معناه مَتَى ، وهي مبنيَّةٌ على الفتْحِ ، قال الشاعر : [ الرجز ]

أَيَّانَ تَقْضِيَ حَاجَتِي أَيَّانَا *** أَمَا ترى [ لِفعْلِهَا ] أَبَانَا

و{ مرساها } معناه : مُثْبَتُها ومُنْتَهَاها ، مأخوذٌ من : أرسى يُرْسِي ، ف { مُرْسَاهَا } : رَفْعٌ بالابتداء ، والخبرُ { أَيَّانَ } ، وعبارة البخاريِّ : { أَيَّانَ مرساها } : مَتَى خروجُها . انتهى . و{ يُجَلِّيهَا } : معناه يُظْهرها .

وقوله سبحانه : { ثَقُلَتْ فِي السموات والأرض . . . } قيل : معناه ثَقُلَ أنْ تُعْلَم ويُوقَفَ عَلى حقيقةٍ وَقْتها ، وقال الحسنُ بن أبي الحَسَن : معناه : ثَقُلَتْ هيئتها ، والفزعُ عَلَى أَهْل السموات والأرض ، { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } ، أي : فجأةً .

وقوله سبحانه : { يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } ، قالَ ابن عبَّاس وغيره : المعنى { يسألونك كأنكَ حَفِيٌّ } ، أي : مُتْحَفٌ ومُهْتَبِلٌ بهم ، وهذا ينحُو إلى ما قالَتْ قريشٌ : يا محمَّدُ ، إِنا قرابَتُكَ ، فأخبرْنا بوَقْت السَّاعة .

وقال ابن زَيْد وغيره : معناه : كأنك حفيٌّ في المسألة عَنْها ، والاشتغالِ بها ، حتى حصَّلَتْ علمها ، وقرأ ابن عبَّاس فيما ذكر أبو حاتم : { كأَنَّكَ حَفِيٌّ عنِهَا } .

وقوله سبحانه : { ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ } قال الطَّبريُّ : معناه لا يعلمُونَ أنَّ هذا الأَمْرَ لا يعلمه إِلا اللَّهُ ، بل يظنُّ أكثرهم أنه ممَّا يعلمه البَشَرُ .