جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا يَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (41)

{ واعلموا أنما غنمتم من شيء } : أخذتم من الكفار قهرا لا صلحا ، أي شيء{[1855]} كان { فإن لله خمسه } مبتدأ خبره مقدر أي : فثابت أن لله خمسه ، والأصح أن ذكر الله افتتاح كلام {[1856]} للتبرك ، وقال بعضهم ، سهم الله يصرف إلى الكعبة { وللرسول } كان يصرف فيما شاء ، والآن لمصالح المسلمين أو للخليفة ، أو مردود إلى الأصناف الباقية ، أو لقرابة النبي-صلى الله عليه وسلم- { ولذي القربى } هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب{[1857]} ، أو من لا يحل له الزكاة ، أو بنو هاشم وحدهم{[1858]} ، أو قريش{[1859]} كلهم { واليتامى } : يتامى المسلمين فقراءهم ، أو فقرائهم وأغنيائهم ، أو يتامى ذوي القربى { والمساكين } : المحاويج الذين لا يجدون ما يصون خلتهم ، أو مساكين ذوي القربى { وابن السبيل } : المسافر أو مريد السفر إلى مسافة القصر ، وليس له ما ينفقه في سفره ، أو ابن السبيل من ذوي القربى ، فعلى هذا الغنيمة تقسم على خمسة : أربعة منها للمحاربين ، وخمس لهؤلاء المذكورين { إن كنتم أمنتم بالله } تقديره : امتثلوا ما شرعت بكم في الغنيمة ، إن كنتم آمنتم بالله { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان } : يوم فرق فيه بين الحق والباطل ، وهو يوم بدر ، والآية نزلت فيه { يوم التقى الجمعان } : المسلمون والكفار ، وهو يوم الجمعة لسبع عشرة من رمضان {[1860]}{ والله على كل شيء قدير } ولهذا قدر على نصر القليل على الكثير .


[1855]:وقد خصص الإجماع من عموم الأسارى، فإن الخيرة فيها إلى الإمام بلا خلاف، وكذلك سلب المقتول إذا نادى به الإمام، وقيل: وكذلك الأرض المغنومة، ورد بأنه لا إجماع على الأرض/12 فتح.
[1856]:كما تقول لعبدك: أعتقك الله وأعتقتك/12 وجيز.
[1857]:وليس لبني عبد شمس وبني نوفل منه شيء وإن كانوا إخوة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه" وهو في الصحيح، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو ثور ومجاهد وقتادة وابن جريج ومسلم بن خالد/12 فتح [الحديث أخرجه البخاري في "المغازي" (4229)].
[1858]:وبه قال مالك والثوري والأوزعي وغيرهم وهو مروي عن علي بن الحسين ومجاهد/12 فتح.
[1859]:روى ذلك عن بعض السلف، واستدلوا بما روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم – "أنه لما صعد الصفا جعل يهتف ببطون قريش كلها قائلا: يا بني فلان يا بني فلان" [أخرجه البخاري في"التفسير" (4770)]، واختلفوا في سهم ذوي القربى، هل هو ثابت اليوم أم لا؟ فذهب أكثرهم إلى أنه ثابت فيعطى فقرائهم وأغنيائهم من خمس الخمس للذكر مثل حظ الأنثيين، وبه قال مالك والشافعي، وقيل: إنه غير ثابت وسقط سهمه سهمهم بوفاته- صلى الله عليه وسلم - وصار الكل مصروفا إلى الثلاثة الباقية، وبه قال أبو حنيفة وأصحاب الرأي وحجة الجمهور أن الكتاب والسنة يدلان على ثبوت سهم ذوي القربى وذا الخلفاء بعد الرسول – صلى الله عليه وسلم – كانوا يعطونهم، ولا يفضلون فقيرا على غني، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم ـ أعطى العباس مع كثرة عناه وكذا الخلفاء بعده/12 فتح.
[1860]:وهو أول مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا روي عن علي- رضي الله عنه/12 فتح.