معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (8)

وقوله : { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ8 }

تنصبها بالردّ على خَلَق . وإن شئت جعلته منصوباً على إضمار سَخّر : فيكون في جواز إضماره مثل قوله : { خَتَمَ اللهُ على قُلُوبِهِمْ وَعلى سَمْعِهِمْ وَعلى أَبْصَارِهم غِشَاوَةً } مَن نصب في البقرة نصب الغشاوة بإضمار ( وجعل ) ولو رفعت { الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ } كان صوابا من وجهين . أحدهما أن تقول : لما لم يكن الفعل معها ظاهراً رفعته على الاستئناف . والآخر أن يُتوهّم أن الرفع في الأنعام قد كان يصلح فتردّها على ذلك كأنك قلت : والأنعام خلقها ، والخيلُ والبغالُ على الرفع .

وقوله عزّ وجلّ : { لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً } ، ننصبها : ونجعلها زينة على فعل مضمر ، مثل { وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ } أي جَعَلناها . ولو لم يكن في الزينة ولا في ( وَحِفْظاً ) واو لنصبتها بالفعل الذي قبلها لا بالإضمار . ومثله أعطيتك درهما ورغبة في الأجر ، المعنى أعطيتكه رغبة . فلو ألقيت الواو لم تحتج إلى ضَمير لأنه متَّصل بالفعل الذي قبله .