الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (8)

قوله تعالى : { وَالْخَيْلَ } : العامَّةُ على نصبِها نَسَقاً على " الأنعامَ " . وقرأ ابن أبي عبلة برفعِها على الابتداء والخبرُ محذوفٌ ، أي : مخلوقَةٌ أو مُعَدَّةٌ لتركبوها ، وليس هذا ممَّا نابَ فيه الجارُّ منابَ الخبرِ لكونِه كوناً خاصاً .

قوله : " وزينةً " في نصبها أوجهٌ ، أحدُها : أنها مفعولٌ من أجلِه ، وإنما وَصَل الفعلُ إلى الأول باللام في قوله : " لتركبوها " وإلى هذا بنفسِه لاختلالِ شرطٍ في الأول ، وهو عَدَمُ اتحادِ الفاعلِ ، فإن الخالقَ اللهُ ، والراكبَ المخاطبون بخلافِ الثاني .

الثاني : أنها منصوبةٌ على الحال ، وصاحبُ الحال : إمَّا مفعول " خَلَقَها " ، وإمَّا مفعولُ " لتركبوها " ، فهو مصدرٌ أقيم مُقامَ الحال .

الثالث : أَنْ ينتصِبَ بإضمارِ فِعْلٍ ، فقدَّره الزمخشري " وخَلَقها زينة " . وقدَّره ابن عطية وغيرُه " وجَعَلها زينةً " .

الرابع : أنه مصدرٌ لفعلٍ محذوف ، أي : وَيَتَزَيَّنُوْن بها زينةً .

وقرأ قتادةُ عن ابن عباس " لتَرْكَبوها زينةً " بغير واوٍ ، وفيها الأوجهُ المتقدمةُ ، ويزيد أن تكونَ حالاً من فاعل " لتركبوها " ، أي : تركبونها مُتَزَيِّنين بها .