الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ وَيَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (8)

وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس ، عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل ، فقال لهم : «اركبوا هذه الدواب سالمة ودعوها سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق ، فرب مركوبة خير من راكبها ، وأكثر ذكراً لله تعالى منه » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن دينار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي لأحاديثكم ، فرب راكب مركوبة هي خير من راكبها وأكثر ذكراً لله تعالى منه .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن دينار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تتخذوا ظهور الدواب كراسي لأحاديثكم ، فرب راكب مركوبة هي خير منه وأطوع لله منه وأكثر ذكرا " .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن حبيب قال : كان يكره طول الوقوف على الدابة ، وأن تضرب وهي محسنة .

وأخرج أحمد والبيهقي ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم لغفر لكم كثير » .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله { لتركبوها وزينة } قال : جعلها لتركبوها وجعلها زينة لكم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة : أن أبا عياض كان يقرؤها { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } يقول : جعلها زينة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت الخيل وحشية ، فذللها الله لإِسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، عن وهب بن منبه قال : بلغني أن الله لما أراد أن يخلق الفرس قال لريح الجنوب : إني خالق منك خلقاً ، أجعله عزاً لأوليائي ، ومذلة لأعدائي ، وحمى لأهل طاعتي ، فقبض من الريح قبضة ، فخلق منها فرساً ، فقال : سميتك فرساً وجعلتك عربياً ، الخير معقود بناصيتك والغنائم محازة على ظهرك ، والغنى معك حيث كنت ، أرعاك لسعة الرزق على غيرك من الدواب ، وجعلتك لها سيداً ، وجعلتك تطير بلا جناحين ، فأنت للطلب ، وأنت للهرب ، وسأحمل عليك رجالاً يسبحوني ، فتسبحني معهم إذا سبحوا ، ويهللوني ، فتهللني معهم إذا هللوا ، ويكبروني ، فتكبرني معهم إذا كبروا ، فلما صهل الفرس ؛ قال : باركت عليك ، أرهب بصهيلك المشركين ، أملأ منه آذانهم ، وأرعب منه قلوبهم ، وأذل به أعناقهم ، فلما عرض الخلق على آدم وسماهم ، قال الله تعالى : يا آدم ، اختر من خلقي من أحببت ، فاختار الفرس ، فقال الله اخترت عزك ، وعز ولدك باق فيهم ما بقوا ، وينتج منه أولادك أولاداً ، فبركتي عليك وعليهم ، فما من تسبيحة ولا تهليلة ولا تكبيرة تكون من راكب الفرس إلا والفرس تسمعها وتجيبه مثل قوله .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه ، عن سعيد بن جبير قال : سأل رجل ابن عباس ، عن أكل لحوم الخيل ، فكرهها وقرأ { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يكره لحوم الخيل ويقول : قال الله { والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون } فهذه للأكل { والخيل والبغال والحمير لتركبوها } فهذه للركوب .

وأخرج ابن أبي شيبة ، عن مجاهد أنه سئل عن لحوم الخيل ؟ فقال { والخيل والبغال والحمير لتركبوها } .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن الحكم في قوله { والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون } فجعل منه الأكل ، ثم قرأ { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة } قال : لم يجعل لكم فيها أكلاً وكان الحكم يقول : الخيل والبغال والحمير حرام في كتاب الله .

وأخرج أبو عبيد وأبو داود والنسائي وابن المنذر ، عن خالد بن الوليد قال : «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كل ذي ناب من السباع ، وعن لحوم الخيل والبغال والحمير » .

وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبد الله قال : طعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر الأهلية .

وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم من طريق أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله أنهم ذبحوا يوم خيبر الحمير والبغال والخيل ، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحمير والبغال ، ولم ينههم عن الخيل .

وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن جرير وابن مردويه من طريق عطاء ، عن جابر قال : كنا نأكل لحم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : والبغال ؟ قال : أما البغال فلا .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر ، عن أسماء قالت : نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً ، فأكلناه .

وأخرج أحمد ، عن دحية الكلبي قال : « قلت يا رسول الله ، أحمل لك حماراً على فرس ، فينتج لك بغلاً وتركبها ؟ قال : «إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون » .

وأخرج الخطيب في تاريخه ، وابن عساكر ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { ويخلق ما لا تعلمون } قال البراذين .

وأخرج ابن عساكر ، عن مجاهد في قوله { ويخلق ما لا تعلمون } قال السوس في الثياب .

وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن مما خلق الله لأرضاً من لؤلؤة بيضاء مسيرة ألف عام عليها جبل من ياقوتة حمراء محدق بها ، في تلك الأرض ملك قد ملأ شرقها وغربها ، له ستمائة رأس ، في كل رأس ستمائة وجه ، في كل وجه ستون ألف فم . في كل فم ستون ألف لسان ، يثني على الله ويقدسه ويهلله ويكبره ، بكل لسان ستمائة ألف وستين ألف مرة ، فإذا كان يوم القيامة نظر إلى عظمة الله ، فيقول وعزتك ما عبدتك حق عبادتك » فذلك قوله { ويخلق ما لا تعلمون } .

وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن الشعبي قال إن لله عباداً من وراء الأندلس ، كما بيننا وبين الأندلس ، ما يرون أن الله عصاه مخلوق ، رضراضهم الدر والياقوت ، وجبالهم الذهب والفضة ، لا يحرثون ولا يزرعون ولا يعملون عملاً ، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم ، وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن وهب أنه قيل له : أخبرنا من أتى سعالة الريح ، وأنه رأى بها أربع نجوم كأنها أربعة أقمار ؟ فقال وهب : { ويخلق ما لا تعلمون } .