وقوله : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ23 } كقولك : أمر ربك وهي في قراءة عبد الله ( وَأَوْصى رَبُّك ) وقال ابن عباس هي ( وَوَصَّى ) التصقت واوها . والعرب تقول تركته يقضي أمور الناس أي يأمر فيها فينفُذ أمره .
وقوله { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا } معناه : وأوصى بالوالدين إحسَانا . والعرب تقول أُوصيك به خيراً ، وآمرك به خيراً . وكان معناه : آمرك أن تفعل به ثم تحذف ( أنْ ) فتوصل الخير بالوصيَّة وبالأمر ، قال الشاعر :
عجبتُ من دَهْماء إذ تشكُونا *** ومن أبى دَهماء إذ يوصينا
خيراً بها كأننا جافونا *** . . .
وقوله : { إِما يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ } فإنه ثنّى لأن الوالدين قد ذُكِرا قبله فصار الفعل على عددهما ، ثم قال { أَحَدُهُما أَوْ كِلاَهُما } على الائتناف كقوله { ثمَّ عموا وصَمُّوا } ثم استأنف فقال : { كَثِيرٌ مِنْهُمْ } وكذلك قوله { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وأسَرُّوا النَّجْوى } ثم استأنف فقال : { الذين ظَلَمُوا } وقد قرأها ناس كثير { إِما يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ } جعلت { يَبْلُغَنّ } فعلا لأحدهما . فَكرَّرت ب فكرت عليه كلاهما .
وقوله { فَلاَ تَقُل لَّهُما 99ب أُفٍّ } قرأها عاصم بن أبى النَّجُود والأعمش ( أُفِّ ) خفضاً بغير نون . وقرأ العوامّ ( أُفٍّ ) فالذين خفضوا ونوَّنوا ذهبوا إلى أنها صوت لا يُعرف معناه إلاّ بالنطق به فخفضوه كما تُخفض الأصوات . من ذلك قول العرب : سمعت طاقٍ طاقٍ لصوت الضرب ، ويقولون : سَمعت تِغٍ تِغٍ لصوت الضحك . والذين لم ينوّنوا وخفضوا قالوا : أفّ على ثلاثة أحرف ، وأكثر الأصْوات إنما يكون على حَرفين مثل صَهْ ومثل يَغْ ومَهْ ، فذلك الذي يُخفض ويُنَوَّن فيه لأنه متحرك الأوَّل . ولسنا بمضطرين إلى حركة الثاني من الأدوات وأشباهِها فيُخْفَضَ فخفض بالنون : وشبّهت أفَّ بقولك مُدَّ ورُدَّ إذْ كانت على ثلاثة أحرف . ويدلّ على ذلك أنَّ بعض العرب قد رفعها فيقول أفُّ لك . ومثله قول الراجز :
سألتُها الوصلَ فقالت مِضَّ *** وحَرَّكت لي رأسها بالنَغْض
كقول القائل ( لا ) يقولها بأضراسه ، ويقال : ما علّمك أهلُك إلا ( مضِّ ومِضُّ ) وبعضهم : إلاّ مِضّا يوقع عليها الفعل . وقد قال بعض العرب : لا تقولن له أُفّا ولا تُفّا يُجعل كالاسم فيصيبه الخفض والرفع [ والنصب ] ثبت في ب والنصب بلا نون يجوز كما قالوا رُدَّ . والعرب تقول : جَعَل يتأفّف من ريح وجدها ، معناه يقول : أفِّ أفِّ . وقد قال الشاعر فيما نُوّن :
وقفنا فقلنا إِيهِ عن أمّ سالمٍ *** وَما بالُ تكليم الديار البلاقع
فحذف النون لأنها كالأداة ، إذا كانت على ثلاثة أحرف ، شُبِّهت بقولهم : جَيْرِ لا أفعل ذلك ، وقد قال الشاعر :
فقُلْن على الفِردوس أوَّلُ مشرب *** أَجَلْ جَيْرِ إِن كَانت أُبيحت دَعَاثرُهْ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.